آخرهم السفير البريطاني.. دبلوماسيون بخلفيات أمنية يمثلون بلدانهم في بغداد
شبكة البصرة
من أجل كسب ود المواطن العراقي، الذي قد تتحكم عواطفه في تقييمه لدور الدبلوماسي الأجنبي الجديد ودور دولته، يكفي مقطع مصور بعدسة هاتف لكلمة دبلوماسية باللغة العربية، تبدأ بتحية الإسلام (السلام عليكم)، يسجل وينشر على مواقع التواصل، تتبعه جولة في شارع المتنبي وأزقة شارع الرشيد وسوق الصفافير، وقد يتطور الأمر لتذوق حلوى “الدهين” من بائع متجول في النجف، كما فعلت رئيسة البعثة الأممية في العراق “جينين بلاسخارت”.
هكذا بدأ العديد من الدبلوماسيين الأجانب مهامهم في بغداد، ومنهم السفير البريطاني الحالي “ستيفن هيتشن”، أما سلفه “مارك برايسون ريتشاردسون” الذي انتهت مهام عمله في تموز الماضي، فقد زاد على ذلك بقوله إنه مسلم، واسم ابنه “علي”.
وقد لا تكون مخاطبة الناس بلغتهم وتذوق طعامهم سلوكاً غريباً بالنسبة لأي سفير تختاره بلاده لتمثيلها في دولة أخرى، لكن الشكوك تبدأ عندما تتسرب سيرة السفير الذاتية إلى وكالات الأنباء، فيتضح أن وظائفه السابقة كانت ذات طبيعة أمنية أكثر من كونها دبلوماسية وفق ما يفترض بمهمة السفير، خاصة عندما يكون البلد الذي اختير له مضطرباً على كل الصعد، الأمنية والسياسية والعسكرية، ويمر بمرحلة من أخطر المراحل التي شهدها، بعد عشرين سنة على احتلال شاركت به بلاده بشكل رئيس. فمن هو السفير البريطاني الجديد في بغداد “ستيفن هيتشن”، وما هو الدور الذي ينتظره في بغداد؟.
من هو “هيتشن”؟
يغلب الطابع الأمني على سيرة الدبلوماسي البريطاني، فهو متخصص بقضايا “مكافحة الإرهاب”، وعمل في الفترة مابين 1996 – 2004 في وزارة الدفاع، تعلم خلالها اللغة العربية. وتنقل هيتشن بعد ذلك في عدة مناصب في دول عربية وإقليمية، منها السكرتير الأول للشؤون السياسية في سفارة بلاده في القاهرة، وعمل (مسؤولاً لشؤون المنطقة) في السفارة البريطانية بالكويت، ورئيساً للفريق السياسي المعني بإيران في مقر وزارة الدفاع البريطانية، ثم مسؤولاً لإدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة خارجية بلاده حتى عام 2013، ليصبح مستشاراً لشؤون المنطقة في السفارة البريطانية بالعاصمة الأردنية عمّان، حتى عام 2016.
وعاد هيتشن بعد ذلك إلى بلاده ليعمل بوظيفة أمنية أخرى، وظّف فيها خبرته من عمله في البلدان العربية، حيث أصبح مديراً للأمن القومي المعني بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية، وبقي في هذا المنصب حتى عام 2019، لينتقل إلى إدارة مكافحة الإرهاب في الخارجية البريطانية.
مهمة أمنية في بلد مضطرب
وبحلول الخامس والعشرين من تموز/يوليو الماضي، انتهت مهمة السفير البريطاني السابق في العراق “مارك برايسون ريتشاردسون” أو “أبو علي” كما يحب أن يلقب، والتي استغرقت عامين، ليقدّم “ستيفن هيتشن” أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية “عبد اللطيف جمال رشيد”، وفق ما جاء في بيان للرئاسة العراقية.
ويأتي تعيين هيتشن بعد أيام من إطلاق الخارجية البريطانية تحذيراً مفاده، إن بغداد ومحافظات عراقية أخرى قد تشهد احتجاجات شعبية ضد الحكومة، وإن أعمال عنف قد ترافق الاحتجاجات، كما نصحت الوزارة في بيان نشره موقع الحكومة الرسمي، البريطانيين في العراق بعدم التنقل بين المحافظات، حرصاً على سلامتهم.
ونظراً لتاريخ السفير الجديد في العمل الأمني، أكدت مصادر بريطانية إن تعيينه في هذا الظرف يوحي بأن العراق أمام تطورات امنية وسياسية خطيرة، خلافاً لما تحاول حكومة الإطار التنسيقي الترويج له.
على الجانب العراقي، وجد خبراء أمنيون أن تسمية سفراء أجانب بخلفيات أمنية لم يعد مستغرباً، حيث لجأت إليه دول عديدة. وقال الخبير بالشؤون الأمنية العقيد المتقاعد “سعد الحديثي”، إن “الولايات المتحدة وإيران سبقتا بريطانيا بتسمية شخصيات لها خلفيات أمنية وعسكرية، مثل زلماي خليل زاد (سفير أميركي سابق)، وإيرج مسجدي (سفير إيراني سابق) وغيرهم”.
وأعادت الولايات المتحدة الكرة بتعيين السفيرة الحالية “ألينا رومانوسكي”، التي سبق لها العمل في وزارة الدفاع، ووكالة المخابرات الأميركية “سي آي إيه”..
كذلك فقد عملت رئيسة البعثة الأممية في العراق “جينين بلاسخارت”، وزيرة للدفاع في بلدها هولاندا، وأشرفت على مشاركة بلادها في حروب خاضتها في أفغانستان ومالي والعراق.
سياسة قديمة بثوب جديدة
وغالباً ما يُذكّر السلوك البريطاني العراقيين بأدوار لعبتها بريطانيا بعد استعمارها بلادهم أبان الحرب العالمية الاولى، وأعادت صياغتها بعد مشاركتها باحتلاله عام 2003، تتلخص بإرسال سفراء لدراسة المجتمع عن كثب، والبدء بإعداد جيل من شبابه للعمل كوكلاء سياسيين لهم داخل الحكومة. وبهذا الخصوص ذكر تقرير نشرته مجلة “ذي كرادل” التي تعنى بالشؤون السياسية لدول غرب آسيا، إن المخابرات البريطانية MI6 (إم آي6)، ومن أجل تحقيق هذا الغرض، أطلقت عام 2016 مشروع “القيادة السياسية الشبابية” في العراق بإشراف وزارة الخارجية البريطانية. وأشار كاتب التقرير، الصحفي الاستقصائي البريطاني “كيت كلارينبيرغ”، المتخصص في دور أجهزة المخابرات بالتأثير السياسي، إلى أن تسريبات ال(أم آي 6)، كشفت عن أن المشروع “كان يفترض أن يستمر سنة واحدة، لكن الحاجة دعت لمواصلته، نظراً لرغبة بريطانيا ب “التعرف على الشباب العراقي، الذين سينضمون إلى العملية السياسية التي أنشأتها قوات الاحتلال الأمريكي عام 2003 بدعم بريطاني، وتدريبهم على قيم التمثيل الحكومي والمهارات السياسية”.
كما كشفت التسريبات أيضاً، إن الحاجة لهذا المشروع تضاعفت بعد احتراق ورقة “المراجع والملالي”، لفشلهم بلعب دورهم في التأثير السياسي، أو إيجاد دور بديل يوكل إلى سياسيين منتخبين ظاهرياً، بحسب التقرير.
وكالة يقين
شبكة البصرة
الاثنين 19 صفر 1445 / 4 أيلول 2023
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط