لهذا السبب تنهار أمريكا
شبكة البصرة
السيد زهره
هذا الذي حدث هو الذي يفسر لماذا تنهار مكانة أمريكا العالمية، ولماذا تفقد مصداقيتها وتنصرف عنها مختلف الدول.
الذي حدث ان وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قامت مؤخرا بزيارة عدد من الدول الإفريقية، وكان الموضوع الرئيسي الذي ناقشته في الدول التي زارتها هو العقوبات التي تفرضها أمريكا على روسيا في اطار حرب اوكرانيا وموقف الدول الإفريقية منها.
بعد نهاية الجولة أدلت الوزيرة الأمريكية بتصريح صادم قالت فيه انها هددت جميع الدول التي زارتها بأنها اذا لم تلتزم بالعقوبات الأمريكية على روسيا وتمتثل لها فإن الرد الأمريكي سيكون سريعا وحاسما ضد الشركات وضد السلطات المسئولة.
هكذا ببساطة وبكل غطرسة وصلافة واستفزاز تتحدث الوزيرة عن تهديد سافر وجهته للدول الإفريقية.
الدول الإفريقية لديها مصالح وعلاقات واسعة تاريخية متشعبة مع روسيا في كل المجالات. والعقوبات التي تفرضها أمريكا والدول الأوربية على روسيا تلحق ضررا بالغا بالدول والشعوب الإفريقية ان هي انساقت وراء أمريكا والتزمت بهذه العقوبات.
ومن حيث المبدأ ليست الدول الافريقية مضطرة لأن تتبنى موقف أمريكا والدول الأوروبية من حرب أوكرانيا والصراع الغربي مع روسيا. وهذا في الحقيقة موقف أغلب دول العالم. اغلب دول العالم فضلت عدم الانحياز الى أي من الطرفين وتحكيم ما تقتضيه مصالحها الخاصة. وهذا موقف الدول العربية مثلا.
لكن أمريكا لا تفهم هذا ولا تريده. لا تفهم أن من حق الدول ان تكون لها سياستها المستقلة وان تدافع عن مصالحها في المقام ألأول.
وفي هذا الاطار لنا ان نتأمل ما يعنيه ما قالته وزيرة الخزانة الأمريكية عن تهديدها السافر للدول الإفريقية.
معنى ما قالته ان أمريكا لا تكن اي تقدير او احترام لسيادة واستقلال أي دولة افريقية، وحقها ان تتخذ ما تشاء من مواقف تجاه حرب أوكرانيا والصارع مع روسيا او أي قضية أخرى.
أمريكا تريد من الدول الإفريقية ان تمتثل لأوامرها وان تنفذ املاءاتها وتلتزم بسياساتها هي حرفيا، وفي هذه الحالة ان تلتزم بالعقوبات التي قررت فرضها على روسيا، وان تنسى ان لها موقفا مستقلا.
وما فعلته الوزيرة يعني ان أمريكا لا يعنيها على الاطلاق مصالح الدول والشعوب الإفريقية، ولا معاناتها والأضرار التي تحل بها بسبب سياسة أمريكية مثل العقوبات على روسيا.
أمريكا تتوقع من الدول الإفريقية ان تنسى أي مصالح لها وان تكون دوما في خدمة المصالح الأمريكية ايا كانت.
وامريكا تفعل هذا بلغة استعلائية استعمارية مستفزة جسدها ما قالته الوزيرة.
كما ذكرت في البداية، هذا الذي حدث مجرد مثال يقدم تفسيرا لتراجع مكانة أمريكا وفقدان دول العالم الثقة فيها.
وكما نعلم، أمريكا لا تفعل هذا مع الدول الإفريقية فقط، وانما مع كل الدول بما في ذلك اقرب الحلفاء المفترضين لها. امريكا مثلا غاضبة من السعودية ودول الخليج العربية لأنها لا تريد الالتزام بالسياسة النفطية التي تريدها هي والتي تخدم مصالحها هي، وتهدد بإعادة النظر في العلاقات وفرض عقوبات.. الخ. هو نفس النهج الاستعلائي المستفز.
الأمر العجيب فعلا ان أمريكا تبدو حتى هذه اللحظة عاجزة تماما عن ان تفهم التحولات التي يشهدها العالم والتوجه نحو انشاء نظام عالمي جديد اكثر عدلا وتعددية وتوازنا واحتراما لسيادة استقلال الدول والشعوب، وتصر على السير في نفس النهج الذي اعتادته منذ نهاية الحرب الباردة.
ولهذا، الأمر المؤكد ان موقع أمريكا في العالم سوف يستمر في التراجع والانهيار، وسوف تواصل قوى أخرى الصعود الى مكانة جديدة. وفي النهاية ستكون أمريكا هي الخاسر الأكبر.
شبكة البصرة
الثلاثاء 9 رجب 1444 / 31 كانون الثاني 2023
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط