المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب
النجف، هجوم عسكريّ ومجزرة جديدة ضد المعتصمين السلميّين
شبكة البصرة
في يوم الاربعاء الخامس من فبراير 2020م هاجمت مليشيا سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر المعروفة بـ(أصحاب القبعات الزرقاء) خيم المعتصمين السلميّين في ساحة الصدرين وسط مدينة النجف دون سابق إنذار، وبدون أن يقوم المعتصمون بأيّ عمل يشكل تهديدا للأمن، بدأ الهجوم حوالي الساعة الخامسة والنصف وبحسب شهود عيان ومقاطع الفيديو المصورة فإنّ ملثّمين هاجموا خيم المعتصمين بالزجاجات الحارقة مما تسبب في إضرام النار فيها؛ ثم قام مُسلحون ينتمون إلى مليشيا مقتدى الصدر بالهجوم على المعتصمين، وقد استخدم المسلحون الرصاص الحيّ، والأسلحة البيضاء، والقنابل اليدويّة العسكريّة، فضلاً عن الهراوات.
تمّ نقل المصابين إلى مستشفى الصدر وهي المستشفى الرئيس في المدينة، وقد تنوّعت الإصابات بين طعنات بالسكاكين وإصابات بطلقات الأسلحة وحالات حرق وجروح متنوعة، وقامت المليشيا بمتابعة الجرحى إلى المستشفى واقتحامها ممّا سبّب حالة هلع وارتباك كبير للمدنيين. وقد تسبب الهجوم في مقتل أكثر من (23) مدنياً وجرح أكثر من (182) آخرين بحسب الناشطين ومصدر طبّيّ من داخل مستشفى النجف.
جاء هذا الهجوم بعد يوم واحد من تكليف محمد توفيق علّاوي بتشكيل الحكومة، حيث نشر الزعيم الشيعيّ مقتدى الصدر تغريدة على تويتر قال فيها: “أجد لزامًا تنسيق (القُبّعات الزرق) مع القوّات الأمنيّة الوطنيّة البطلة ومديريّات التربية في المحافظات وعشائرنا الغيورة إلى تشكيل لجان في المحافظات من أجل إرجاع الدوام الرسميّ في المدارس الحكوميّة وغيرها، كما وعليهم فتح الطرق المغلقة لكي ينعم الجميع بحياتهم اليوميّة وترجع للثورة سمعتها الطيّبة، لذا فعلى المختصين الإسراع في البدء بذلك” انتهى الاقتباس. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات مسربة لعناصر بلباس مدنيّ ويقولون إنهم ينتمون إلى سرايا السلام التابعة إلى مقتدى الصدر وهم يتوعدون ويهددون بوجود جماعات غير معروفة سوف تظهر لاحقًا، وتظهر في الفيديو سيارة تابعة للشرطة الحكوميّة تساندها عناصر المليشيات وهم يقومون بمهاجمة المعتصمين في ساحة الصدرين في مدينة النجف من دون أن يكون هناك أيّ مبرر للهجوم، وعلى الرغم من تكليف محمد توفيق علّاوي بتشكيل الحكومة إلا أنّ المتظاهرين والمعتصمين رفضوا هذا التكليف وعبّروا عن ذلك بالاستمرار بالاعتصامات والتظاهرات إلى حين تلبية مطالبهم، وقد قامت هذه العناصر باستخدام القوّة المفرطة غير المبررة فتحوّلت ساحة الاعتصام السلميّ إلى ساحة معركة عسكريّة، وأدّى ذلك إلى سقوط قتلى وجرحى وترويع للمدنيين.
لم يكن للقوّات الأمنيّة الحكوميّة أيُّ دورٍ في توفير الحماية للمعتصمين والمدنيين المتواجدين في الساحة في وقت الهجوم على الساحة؛ فبدلا من حمايتهم وقفت موقف المتفرج بل ساعدت المليشيات في تنفيذ هجومها.
لقد ارتكبت مليشيا سرايا السلام إبادة جماعيّة بحق المعتصمين في ساحة الصدرين في النجف وفقا لمعايير اعتبار الجرائم الإنسانيّة في نصوص اتفاقيّة جنيف الرابعة والقانون الإنسانيّ الدّوليّ. وتتحمل مليشيا سرايا السلام المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة، كما تتحمل حكومة بغداد المسؤوليّة الكاملة عن هذا الهجوم لأنّها لم تقم بتوفير الحماية للمدنيين. كما تتحمل المسؤولية كذلك إيران التي تقدّم الدعم المادّيّ والمعنويّ للمليشيات، وتتحمل الحكومة الأمريكيّة المسؤوليّة باعتبارها تقدم الدعم للحكومة العراقيّة بالاستشارات والدعم المادّيّ؛ لذلك نطالب الأمم المتحدة بتشكيل لجنة دوليّة للتحقيق في الانتهاكات التي حدثت بحق المحتجّين والمعتصمين من أجل تقديم مرتكبي هذه الانتهاكات إلى العدالة والحد من العنف في العراق. وعلى الحكومة أن تقوم بتوفير الحماية للمتظاهرين والمعتصمين وأن تضمن لهم حقَّ التعبير عن الرأي، وأن لا تترك المتظاهرين والمعتصمين ضحيّة للعصابات والمليشيات خاصة وأنّ ذلك سوف يؤدّي إلى استمرار العنف في العراق وتهديد الأمن والسلم الأهليّ.
المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب
6/2/2020م
شبكة البصرة
الخميس 19 جماد الثاني 1441 / 13 شباط 2020
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط