الرسالة الأخيرة.. إيران تلمع سليماني بعد مقتله عبر السعودية والإمارات
شبكة البصرة
مر شهر على مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ورغم أنه مسؤول عن قتل آلاف المدنيين في دول مثل سوريا والعراق، إلا أن طهران تصر على أن تقدمه كرجل سلام، كانت مهماته تركز على دعم الأمن والاستقرار والتقارب بين دول المنطقة.
مؤخرا خرج السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي بتصريحات لوكالة الأنباء العراقية قال فيها إن سليماني وفي زيارته الأخيرة للعراق في الثالث من يناير الماضي كان يحمل رسالة من طهران تتضمن الرد على مبادرة عراقية للسلام مع السعودية والإمارات.
وأضاف أن الرسالة كانت تدعو إلى محاربة الإرهاب ودعم الاستقرار في المنطقة، إضافة إلى دعم جهود حل الخلافات مع دول المنطقة والتعاون فيما بينها.
هذه ليست المرة الأولى، فقبل ذلك أكد مسؤولون من النظام الإيراني أن سليماني كان في مهمة سلمية تتعلق بالعلاقة مع دول الخليج، وحل الخلافات وخفض التوتر والتصعيد.
لكن في المقابل، يعتقد خبراء أن إيران تريد بهذه المحاولة أن تدين أميركا وتقنع العالم بأن واشنطن قتلت “رجل سلام”، للتغطية على مسؤوليته عن قتل الآلاف من المدنيين في المنطقة.
كما يرى هؤلاء أن إيران تحاول أن توصل رسائل للسعودية والإمارات للدفع باتجاه حل الخلافات لتخفيف الضغوط الاقتصادية على طهران والتي سببتها العقوبات الأميركية المفروضة على النظام.
“الحرس الثوري كان دائما يعرقل أي محاولة للمعتدلين في الإدارة الإيرانية للتفاوض مع الولايات المتحدة أو تهدئة الأزمة”، يقول الصحفي العراقي والمراقب لشؤون إيران، مصطفى كاظم معترضا على وصف سليماني بـ”رسول السلام”.
“تحاول إيران إظهار سليماني كرجل سلام وليس كرجل حرب”. لكن سليماني لم يكن أبدا رجل “سلام”، ولا الحرس الثوري الذي ينتمي إليه كان مؤسسة تقوم على فكرة السلام، يضيف كاظم.
وسليماني مسؤولا عن قتل وتشريد مئات آلاف السوريين حين قاد ميليشيات فيلق القدس التي دعمت النظام السوري ضد المعارضة التي طانت تنادي بتغييره، فقتلت الميليشيات الإيرانية المدنيين واحتلت منازلهم، وأحدثت تغييرا ديمغرافيا أدنه العالم، وكان سليماني هو مهندس هذا التحرك.
وتتهم الولايات المتحدة الأميركية سليماني بالوقوف وراء هجمات نفذت ضد مواقعها في المنطقة، وضد الجنود الأميركيين المنتشرين في الشرق الأوسط.
و”تحاول إيران تحييد السعودية والإمارات وإخراجهما من الصراع، تعرف إن فرصها ضعيفة جدا بوجود الدولتين في قائمة الأعداء”، يقول الصحفي العراقي قاسم السنجري.
وبحسب السنجري فإن “بغداد هي استراحة سليماني الدائمة خلال تنقلاته بين بيروت وطهران، والكلام عن حمله لرسالة سلام كذبة إيرانية يبدو إنهم صدقوها أنفسهم”.
ويتابع السنجري “الديبلوماسية الإيرانية مقسمة بين الإصلاحيين في جهاز الاطلاعات والأصوليين في الحرس الثوري، وحاليا يقود الحرس الثوري الديبلوماسية الإيرانية”.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية علي البدري ذهب إلى أبعد من هذا.
يقول إن “الحديث عن سليماني كرجل سلام يعطي فكرة عن نوع هذا السلام المفترض وشكله”.
ويتابع “يمكن لإيران أن ترسل وزير خارجيتها ظريف، اليد الناعمة، أو أي شخص آخر غير سليماني أو غير ضباط الحرس الثوري، لكن إصرارها على تصدير فكرة (سلام سليماني) يعني أنها تفكر بالسلام المفروض بقوة التهديد”.
سليماني كان مسؤولا عن أذرع الحرس في المنطقة، ويدير بالخصوص الذراع الذي يقلق السعودية أكثر من غيره، “المتمردون الحوثيون”.
وقبل أيام زارت ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي، في مقر السفارة. فحرص الأخير على أن تكون هناك صورتان بارزتان تتوسطان صورته مع بلاسخارت، واحدة لسليماني والثانية للقيادي في الميليشيات العراقية أبو مهدي المهندس.
قد تكون هذه رسالة واضحة، كما إن البيان الذي أصدرته السفارة الإيرانية بعد اللقاء، أرسل رسالة أخرى مفادها “سندافع عن أنفسنا ضد التهديدات الأميركية”.
وفي ذات الوقت تتحدث السفارة الإيرانية في بغداد عن “الرسالة التي كان يحملها للإمارات والسعودية”، قبل مقتله مع أبو مهدي المهندس.
وقبل أشهر، تعرضت المصالح السعودية إلى ضربة كبيرة، حينما استهدفت طائرات مسيرة مواقع لشركة آرامكو النفطية.
الضربة عطلت، فور حدوثها، نحو نصف قدرات الإنتاج السعودية، وتسبب بخفض سعر أسهم الشركة العملاقة، وهزت السعودية في العمق.
قبلها، تعرضت بواخر تحمل منتجات نفطية إماراتية إلى هجوم في خليج عمان. إيران كانت مسؤولة عن الهجومين بحسب تقارير استخبارية، واتهامات سعودية وأميركية.
تخوض السعودية حربا مكلفة مع الحوثيين منذ سنوات، واشتركت الإمارات في هذه الحرب أيضا.
كما إن لإيران نفوذا على الشيعة السعوديين الساكنين في المناطق الغنية بالنفط شرقي المملكة، ولديها سيطرة على الميليشيات العراقية التي تحكم المناطق المحاذية لشمال شرقها.
ربط سليماني، الذي يقود كل هذه الأذرع التي تحاصر السعودية، برسالة السلام، قد يكون ذا مغزى، بحسب البدري.
وتعيش إيران أزمة سياسية حرجة منذ أن خرج العراقيون غلى الشوارع منددين بسياسية نظام خامنئي القائمة على التدخل في شؤون بلادهم وبسط نفوذ طهران على مرافق الدولة العراقية، وتمكين الميليشيات الموالية لإيران، ما عزز من استشراء الفساد في هذا البلد الذي يعاني شبابه من البطالة والفقر.
الحره
شبكة البصرة
الاربعاء 11 جماد الثاني 1441 / 5 شباط 2020
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط