بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عن مسألة السيادة العراقية
شبكة البصرة
السيد زهره
في الفترة القليلة الماضية تعالت أصوات الطبقة السياسية الحاكمة في العراق تطالب بانسحاب القوات الأمريكية.
حدث هذا كما نعلم على خلفية اقدام أمريكا على اغتيال قاسم سليماني ومعه أبو مهدي المهندس في بغداد. الطبقة السياسية في العراق اعتبرت هذا انتهاكا لسيادة العراق، وعلى هذا الأساس تطالب بانسحاب القوات الأمريكية، كما لو ان هذا الانسحاب هو وحده الذي سيحقق سيادة العراق على ارض الواقع.
من حيث المبدأ نتفق مع القول بأن ما فعلته أمريكا هو بالفعل انتهاك لسيادة العراق على اعتبار انها أقدمت على تنفيذ العملية من دون الرجوع الى السلطات العراقية او التنسيق معها.
لكن الحقيقة انه في حال العراق، فان مسألة السيادة اعقد وابعد من هذا بكثير. اعقد وابعد من مجرد حصرها في هذا الانتهاك الأمريكي.
بداية، الكل يعرف ان كل الطبقة السياسية الحالية في العراق مدينة في وجودها لأمريكا والقوات الأمريكية.
كل افراد هذه الطبقة سواء كانوا في الحكومة، او في البرلمان، او في الأحزاب السياسية، او في المليشيات الطائفية. كلهم دخلوا العراق أصلا على متن دبابات أمريكا حين قامت بغزو واحتلال العراق. ونتذكر ان كل هؤلاء اقاموا الأفراح والليالي الملاح احتفالا بالغزو والاحتلال الأمريكي.
وكلهم ما كان لهم ان يحكموا ويمسكوا برقاب العراقيين والعراق لولا الاحتلال الأمريكي ونظام المحاصصة الطائفية الاجرامي الذي أسسه عن عمد في العراق.
ولم يكن لكل هؤلاء ان يحكموا حتى اليوم ويحتموا بايران واحتلالها الفعلي للعراق لولا ان أمريكا هي التي افسحت المجال امام هيمنة ايران على مقدرات العراق.
نريد ان نقول انه بعيدا عن الصوت الصاخب لهؤلاء اليوم وادعاءاتهم بالتعلق بشعار السيادة والمطالبة بانسحاب القوات الأمريكية، من البجاحة الشديدة واستغفال العقول ان يوجهوا الانتقادات لأمريكا بالذات ويصوروا انفسهم كما لو كانوا مدافعين عن استقلال وسيادة العراق.
اين كانت سيادة العراق حين اجتاحت ايران العراق وفرضت سطوتها وهيمنتها وصادرت مقدراته وكل وأي قرار لهذه الطبقة السياسية؟
اين كانت سيادة العراق حين دمر النظام الايراني اقتصاد البلاد وجعلت كل مقدراته وثرواته مجندة لخدمة ايران؟
اين كانت سيادة العراق حين نشأت المليشيات الشيعية الإرهابية المسماة بالحشد الشعبي وأصبحت هي أداة ايران لاذلال الشعب العراقي وفرض الإرادة الإيرانية عليه بالعنف والاكراه والإرهاب؟
اين كانت سيادة العراق حين اضفت الطبقة السياسية شرعية اجرامية على هذه المليشيات واعتبرتها جزءا اصيلا من النظام؟
اين كانت سيادة العراق وهي ترى قوات الحرس الثويري وقادته يدخلون العراق في أي وقت يشاؤون ويفعلون ما يريدون تخريبا وتدميرا واشعالا للفتنة الطائفية من دون اخذ اذن من هذه الطبقة السياسية وحتى من دون علمها أصلا.
كأن هذه الطبقة السياسية تعتبر ان العمالة لايران وقبول هيمنتها والرضوخ لارادتها مظهر من مظاهر سيادة العراق وتجسيد لهذه السيادة.
والأمر المفزع ان هؤلاء حين يطالبون برحيل أمريكا فهم يعلمون تمام العلم ان هذا لو حدث فسيكون معناه ترك العراق بالكامل لإيران واحتلالها. كأن سيادة العراق تتحقق في ظل الاحتلال الإيراني.
نريد ان نقول ان هذه طبقة طائفية مجرمة عميلة هي بالذات ليس لها أي حق على الاطلاق في ان تتبجح بالحديث عن سيادة العراق واستقلاله.
الذي له الحق في الحديث عن سيادة العراق هو شعب العراق الحر الأبي الذي انتفض من اجل انهاء الوجود الإيراني في بلاده. شعب العراق الذي احرق مقرات الأحزاب والمليشيات العميلة لإيران وذراعها وأداتها في مصادرة السيادة والكرامة العراقية. شعب العراق الذي طالب في الفترة القليلة الماضية بعد اغتيال سليماني بتخليص العراق من ايران وامريكا معا.
شعب العراق فجر انتفاضته الحالية تحت راية مطلب أساسي أكبر هو “نريد وطنا”.
شعب العراق يدرك ان هذه الطبقة السياسية المجرمة دمرت الوطن ويريد استعادته. حين ينهي الشعب العراقي حكم هذه الطبقة العميلة ويستعيد وطنه، سوف تتحقق السيادة والاستقلال.
شبكة البصرة
السبت 23 جماد الاول 1441 / 18 كانون الثاني 2020
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط