من له مصلحة في تنامي العنجهية الايرانية؟
شبكة البصرة
صلاح المختار
عند الجواب على هذا التساؤل اول ما يتبادر الى الذهن ان المستفيد هو اسرائيل الشرقية بقيادة خامنئي، وهذا غير صحيح من حيث تسلسل اهمية الاستفادة، فالمستفيد الاول من العنجهية الايرانية هو سياسة نتنياهو واليمين المتطرف في اسرائيل الغربية، والمستفيد الثاني هو اسرائيل الشرقية واخيرا الغرب الاستعماري خصوصا امريكا، كيف ذلك؟ اولا لنشير الى الظاهرة المتصاعدة وهي تزايد الاستكلاب الايراني مقابل (الاستخذاء) الامريكي فنظام الملالي يتحدى في كل لحظة، ولشدة سكره فانه بعربدته يتجاوز المعقول من التصرفات عندما يدعي انه صار اقوى من الغرب والصهيونية! كل ما تفعله امريكا هو ابداء سعة الصدر والتحمل وهو ما يذكر بقصة الحمار مع الاسد وساذكرها لكم، لكن امريكا وبريطانيا وهما مازالتا تحتفظان بقوتهما الستراتيجية المدمرة حتى هذه اللحظة لم تبديا حكمة وتعقلا وسعة صدر تجاه العراق بل تعمدتا منع اي حل سلمي لازمة الكويت وقامتا بفتح كافة الابواب لتدميره بصورة شاملة!
ليس السبب في ترك اسرائيل الشرقية المخمورة تعربد وتعتدي تراجع قوة امريكا والغرب عموما لانه تراجع نسبي جدا ويكفي ان اكرر الاشارة هنا الى ان امريكا بخزين اسلحتها التي صارت عتيقة وتريد اما تفكيكها او بيعها للعالم الثالث، بهذه الاسلحة فقط تستطيع محو كل اسرائيل الشرقية من خارطة العالم، وبدون تحريك جندي واحد! تذكروا هذه الحقيقة عندما تريدون معرفة لم تبدي امريكا الحكمة والتعقل خصوصا من رئيس شعبوي هجومي وعدواني مثل ترامب هو ابعد ما يكون عن الحكمة والتعقل ويرتكب حماقات تتكرر جعلته موضع التندر! لنناقش الموضوع بانفتاح :
1- العنجهية الايرانية الحالية تخدم نتنياهو مباشرة واكثر من غيره حتى من بين الصهاينة لانها اساسا تقوم على ضمان نتنياهو مواصلة اسرائيل الشرقية لعمليات تفتيت الاقطار العربية طائفيا وعنصريا وافساد مئات المثقفين والساسة بالبتروتومان الايراني، وهو دور اخطر نتائجه الفقدان التدريجي لقوة العرب وتشرذمهم ثم تقسيم اقطارهم، وبما ان الوجود غير الشرعي لاسرائيل الغربية يضمن فقط بتدمير قوى العرب الاساسية خصوصا في العراق وسوريا ومصر، وتسخير المال العربي لخدمة التطبيع الرسمي معها، فان المستفيد الاول والاهم من العنجهية الايرانية الان هو اليمين الصهيوني المتطرف.
2- المستفيد الثاني هو اسرائيل الشرقية ذاتها فالعنجهية توفر لها تجديد وتمديد فترة دعم النغول العرب لها ومنع وصولهم الى حالة اليأس من نصرها اذا تحدثت بلغة متواضعة تنسجم مع حجمها الحقيقي مقارنة بقوة الغرب والصهيونية، فما ان ينطق خامنئي او غيره بكلام فيه تحد وتهديد لامريكا واسرائيل الغربية حتى نرى نغولها العرب يشحنون بطاريتهم التي نفدت بعد ان صاروا المرتزقة الاشد دعما لاقامة امبراطورية فارس على حساب العرب. ما تفعله اسرائيل الشرقية بصورة متسلسلة هو عمليات تدمير منظمة للاقطار العربية واشغال حركة التحرر الوطني العربية بصراعات فرعية مصطنعة تخلقها طهران وتغير سبب الصراع الستراتيجي التاريخي الاصلي والصحيح وهو الصراع العربي – الصهيوني، وتفرض محلة صراعات طائفية مدمرة.
ان التوسع الاستعماري الايراني يسقط حجج نغول اسرائيل الشرقية العرب فلايستطيعون تأكيد دعمهم للتوسع القومي الفارسي، ولكن اذا اذا مارست طهران العنجهية فان نغولها العرب يستيطعون على الاقل مواصلة دعمها داخل الوطن العربي تحت غطاء انها تتباطح مع امريكا واسرائيل الغربية! وما يكمل دعم مهمة خامنئي هذه هو مواقف انظمة خليجية تشجع مواطنين منها على التعدي القذر على فلسطين وشعبها الصامد العظيم وامتداح اسرائيل الغربية وزيارتها فيكون نغل عربي مرتزق قادرا على مقارنة السلوك الخليجي هذا مع العنجهية الايرانية تجاه امريكا!
كما ان العنجهية توفر الحافز المتجدد لدى نغولها الاخرين المجندين في ميليشيات تقتل يوميا عشرات العرب في اليمن وفي العراق، ويهجر الالاف من العرب يوميا من دورهم ومدنهم ووطنهم بقوة السلاح الايراني، وفي لبنان تتمادى ميليشيا حزب الله في ازدراءها للدولة اللبنانية وتحقيرها لكل مكونات لبنان، فحينما يري هؤلاء مركز ولاءهم الطائفي يتحدى امريكا واسرائيل الغربية يزاد قناعة بان النصر لها فليس معقولا ان تتحدى امريكا وهي ضعيفة ولابد ان تكون لديها قوة سرية سوف تفاجئ العالم! وهذا ما يدفع نغول الفرس للتمسك بمواصلة خدمة الاستعمار الايراني.
3- اما الغرب خصوصا امريكا فانها تجد في العنجهية الايرانية واحدة من اهم وسائل اعادة شحن قدرات نظام خامنئي ومنع انتهاء بطاريته كي يعتدي على العرب ويهددهم وبذلك يواصل (الغرب) نهب ثرواتهم التي اخذت تجف، ويواصل التغييرات السكانية في اهم قطرين مجاورين لاسرائيل الغربية وهما سوريا والعراق من اجل انهاء عروبتهما او جعل العرب مكون من بين عدة مكونات قومية، فليس اهم بالنسبة لستراتيجية امريكا من تحويل الاقطار العربية الى فسيفساء متنوعة المكونات القومية والدينية والطائفية تمهيدا لتحويلها الى امارات قزمة متحكم بها، اما لاجل تقسيمها الحاد في حالة تواصل النضال القومي التحرري وعجز امريكا عن السيطرة او اذا سيطرت تقوم بفرض كونفدرالية مماثلة ل(اتحاد الجمهوريات المستقلة) الذي انبثق عن انهيار الاتحاد السوفيتي وكان عبارة عن اطار مؤقت انتهى بسرعة وظهرت دول جديدة على انقاض الاتحاد السوفيتي وتحول اكثرها الى عدو لروسيا.
يبقى السؤال الاهم هو: من يقوم بدور الحادلة الاساسية التي تهدم كل بينان العرب وتقتلع هياكل وطنهم؟ انها دون شك اسرائيل الشرقية. تذكروا ولا تنسوا للحظة واحدة ان امريكا سلمت العراق عندما هزمت امام المقاومة العراقية ليس الى نغولها من العراقيين بل الى نغول اسرائيل الشرقية لان المطلوب كان تدمير العراق دولة ومجتمعا وهوية وانسانا كي تجد امريكا ركامات كان اسمها العراق، فتدفع بشركاتها لاعادة البناء باموال العراق، كما اكد ترامب، ليكون القاعدة هي الاهم لامريكا فيما يسمى ب(الشرق الاوسط). بدون العنجهية الايرانية لن تستمر عمليات التغييرات السكانية وسوف تنتهي بطارية نغول اسرائيل الشرقية في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ولهذا ولكي تكتمل خطة تقسيم الاقطار العربية يجب ان يظهر خامنئي قويا ويتحدى مقابل ترامب وقبله اوباما مستخذيا ويبتسم عندما يصفعه خامنئي!
اذا نحن بأزاء معادلة واضحة وهي انه كلما زادت عنجهية خامنئي تعززت امكانيات الابتزاز الامريكية والصهيونية للمال العربي وتحقيقهما للمزيد من التقدم على حساب العرب. وتذكروا ايضا ان مواقف امريكا ومنذ نصب الغرب خميني حاكما لم تتغير كثيرا الا بالشكليات وهي دعم التوسع الاستعماري الايراني على حساب العرب.
وهذا يذكرني بقصة اسد تراهن مع لبواته على انه يستطيع جلب الحمار الى عرين الاسود وبرضاه فرفضوا التصديق، وقام الاسد بالتحرش بحمار متوسط الذكاء في مملكة الحمير الزاهرة لكنه (زكطه) – كلمة عراقية تعني ضربه بساقه الخلفية – فوقع الاسد ارضا فتصور الحمار انه صار اقوى من الاسد فاخذ يهاجم الاسد والاسد يتراجع وكلما تراجع الاسد زاد الحمار قناعة بانه اقوى من الاسد واخذ يطارده الى ان وصلا الى عرين اللبوات والاسود فقال وهو يبتسم: لقد غلبت الرهان وجاء الحمار بنفسه اليكم! فوقع الحمار في شر حماريته واكلته الضواري! الحمار لو لم يكن حمارا حقا لما صدق انه اقوى من الاسد، والدرس المهم هنا هو ان من يعتقد بان امريكا ضعيفة الان تجاه اسرائيل الشرقية يقع بنفس وهم الحمار الذي صار متعجرفا وغلبته العنجهية فوجد نفسه وليمة مجانية لذيذة.
Almukhtar44@gmail.com
23-7-2019
شبكة البصرة
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1440 / 23 تموز 2019
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط