-{{{{{{داروسيا..............................................................إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ........................................................................... ولا بد لليل ان ينجلي وللجهل ان ينحسر؟؟؟!!!..................................................................................... بعناتا}}}}}}
بـــــــــــــــــــــــــــعــــــــــــلـــــــبـــــــك. ...غابت شمسها والعز تاه فيها .........................................................................................................................................................بعلبك يا دار الالهة بماضيها

رمزية حذاء منتظر الزيدي

 
رمزية حذاء منتظر الزيدي
شبكة البصرة
عبد العزيز بوعزي؛ القصرين ـ تونس
مرت عشر سنوات على حادثة رمي جورج بوش بحذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي يوم 14 ديسمبر 2008، وقد اقترنت هذه الحادثة في ضمير الشعب العراقي والعربي خلال شهر ديسمبر بجريمة إعدام الرئيس الشرعي للعراق الشهيد صدام حسين. وإذا كان الغرب قد سجل حادثة إلقاء الحذاء بوجه جورج بوش كحادثة عرضية أثناء المؤتمر الصحفي كثيرا ما تتكرر على غرار إلقاء الطماطم والبيض الفاسد على السياسيين الغربيين فإن ما أقدم عليه منتظر الزيدي حدث يختزل الكثير من الرمزية لا فقط عند الشعب العراقي بل كذلك عند العرب وجميع الشعوب المقهورة التي عانت من صلف وجبروت السياسة الأمريكية ورئيسها وقتئذ المجرم بوش.

فالحذاء رغم ما له من أهمية في حماية وحفظ قدمي منتعله فإنه في ثقافة الشرقيين يعتبر رمزا للانحطاط والسفالة والوضاعة ويتناقض مع الأنفة والرفعة والكبرياء التي يحرص الشرقي على الاتصاف بها على اعتبار أن موقعه في أسفل الجسم حيث يكون في أوطأ موضع وقد يكون السبب هو الترتيب الجسدي من الرأس وحتى القدمين، فالرأس في الأعلى يشير إلى علو المرتبة، بينما القدمين في الأسفل تلامسان الأرض، وعادة ما كان الناس حفاة في الماضي، وهو ما قد يشير إلى انخفاض المرتبة.” وباعتباره يلامس القذارة والنجاسة التي ينبذها الشرقيون وخصوصا المسلمون منهم وبما أن الحذاء يوضع على الأرض، فهو يمثل القذارة، فإذا رميت الحذاء باتجاه أحدهم، فكأنك رميت بالقذارة علي.” بعكس الرأس الذي يأتي في أعلى الجسم ويعبر ذلك عن الشموخ والعزة والرفعة ولذلك يحرص العربي على أن لا يقع غطاء رأسه أو عقاله الذي يرمز إلى هيبته وكرامته. بل وذهبت الأستاذة فائقة الشيرازي أستاذة دراسات الشرق الأوسط في جامعة تكساس على أن هذا السلوك مسيء، ليس في الثقافة العربية فحسب، بل في جميع الثقافات. فرمي الحذاء على شخص معين، أو رفع الحذاء في وجه الجالس أمامك، جميعها سلوكيات غير مرغوبة في جميع الثقافات، وهي تعتبر مسيئة للجميع.” لذلك تعد عادة خلع الحذاء عند عتبة المنزل أو المسجد من التقاليد الأساسية في بعض المجتمعات، كالمسلمين واليابانيين. بينما تتطير بعض الشعوب من رؤية أسفل الحذاء وخاصة في الصباح لذلك تجدهم يحرصون على تعديله إذا ما انقلب على وجهه وبان أسفله.

فعندما خطط الشاب العراقي منتظر الزيدي ونفذ عملية إلقاء حذائه بوجه جورج بوش كان يعي ما يفعل رغم تحسبه لما سيحصل له بعد العملية من تنكيل وتعذيب وهو ما ناله، بل إنه تحسب إلى إمكانية استشهاده فإختار مكانه بين الجلوس وسلم وثائقه إلى مصوره حتى لا يطال الآخرين ما طاله ورغم ذلك أقدم على عمليته تلك وبكل شجاعة. لقد إستجمع منتظر الزيدي بداخله كل تاريخ العراق العريق الذي يعود إلى سبعة آلاف سنة من الحضارة التي أعطت للإنسانية أول حروف الكتابة وأول قانون مكتوب وضعه الإنسان لتنظيم حياته وأول حياة مدنية عرفتها البشرية و…و… كما إختزل بيمناه التي قذفت بالحذاء بوجه المجرم بوش كل معاناة الشعب العراقي من تقتيل وتهديم وتشريد، كل آهات الثكالى والأيتام والمشردين، كل عزة وكرامة وأنفة الشعب العراقي الأبي الذي لم يطأطئ لمغامر محتل وساءه أن يرى شعبه العريق ووطنه المنيع تداس كرامته وسيادته تحت أقدام الجندي الأمريكي القادم من وراء البحار لينتهك حرمة شعب وسيادة دولة مؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة. لقد رصد منتظر الزيدي بعد انقضاء خمس سنوات من الاحتلال الغاشم زيف الشعارات التي رفعتها الإدارة الأمريكية وزيف الإدعاءات الصادرة عن العصابة الإجرامية وعلى رأسها راعي البقر المغامر جورج بوش بحق العراق ونظامه الوطني حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وعلاقة مسؤوليه بتنظيم القاعدة الإرهابي وتيقن ومعه صفوة الشعب العراقي ومنذ الأيام الأولى للغزو أن ما أقدمت عليه الإدارة الأمريكية كان عملاً عدوانياً ضد بلد لم يهاجم أو يهدد بمهاجمة دولة أخرى، كما كان انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة حيث ارتكبت القوات الأمريكية والبريطانية في العراق، برا وجوا وبواسطة الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا تقتيل جماعي وفردي و اعتقالات جماعية وتعذيب في المعتقلات والسجون وإهانات للشعب العراقي، ومن تدمير للمدن (الفلوجة – الرمادي…) وتدمير للبنى التحتية من جسور ومؤسسات ومصانع بما فيها تلك التي لها علاقة بالإنتاج الغذائي مما نتج عنه اتساع البطالة وخاصة بين الشباب، وبالتالي تدهور فظيع في المعيشة والصحة و السكن وفي كافة الخدمات الاجتماعية. و ترجم ذلك مدى الحقد الدفين لدى إدارة المتصهين بوش على الشعب العراقي والأمة العربية لضرب القاعدة العلمية وحركة النهوض التي بنتها قيادته الوطنية وذلك خدمة للمشروع الصهيوني ولتصفية القضية الفلسطينية وخاصة بعدما آلت إليه الأوضاع في العراق وكل المنطقة من دمار وخراب وفوضى ورغم ذريعة أسلحة الدمار الشامل المعلنة فإن أسبابا أخرى مختلفة (سياسية واقتصادية وحتى حضارية) ظلت قيد التناول في وسائل الإعلام العالمية وأروقة السياسة الدولية، وأصبح بعضها أكثر إقناعا للمراقبين انطلاقا من سير الأحداث ومآلات الحرب وتكشف أسرار تحضيراتها. وفي طليعة تلك الأسباب تحمس الحكومتين الأميركية والبريطانية لوضع اليد على ثروة العراق النفطية الهائلة، فقد تحدثت تقارير عديدة عن التحريض على غزو العراق من طرف مسؤولي شركات نفط أميركية كبيرة، من بينها مثلا مجموعة هاليبيرتون النفطية التي كان ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي آنذاك يتولى إدارتها حتى عام 2000.

وبعد ما وقف منتظر الزيدي وكافة العراقيين على أن أمريكا لم تأت لتحرير العراق من “نظام صدام حسين” كما زعمت، ولا للقضاء على الإرهاب، ولا لتدمير أسلحة الدمار الشامل، ولم تأت لنشر الديمقراطية، ولا لإشاعة الحريات الشخصية، وإنما جاءت لتنفيذ أهدافها التوسعية، فإن حقيقة وأبعاد المشروع الأمريكي تبطل دعاوى الولايات المتحدة بنشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الحريات ومكافحة الإرهاب وتدمير أسلحة الدمار الشامل، حيث استقدمت على ظهر دباباتها عصابات طائفية من الأفاقين وشذاذ الأرض على أنهم نخبة «المقرطة» فى العراق، ومنهم أحمد الجلبى، وإبراهيم الجعفرى ونوري المالكي زعيم حزب الدعوة، وقيادات شيعية أصرت على تفكيك الدولة العراقية، وهو ما قاد إلى تفجير متعمد للنعرات الطائفية والعرقية، بناء على دستور طائفى، وكان التفكيك وزرع الطائفية متعمدا، وبداية لتزاوج تنظيم القاعدة مع المفصولين من قيادات الدولة والسنة، لإنتاج «داعش»، أحد أكثر التنظيمات الإرهابية إجراما. “فكما كان حال السياسات الغربية في القرن العشرين، التي ساهمت بشكل مباشر في تثبيت التوازن القلق في الشرق الأوسط وبسط سلطة الديكتاتوريات العسكرية في المنطقة، كذلك كان دور الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين جليًا في خلق جذور وأصول داعش وأخواتها من التنظيمات السلفية الجهادية.”(1)

لقد كان مشروع الحرب على الإرهاب واحتلال العراق في 2003 الكارثة الأكبر والأعمق في تاريخ المنطقة، لكن السياسات التي كللت بها هذه الحرب جعلت من المنطقة جحيمًا مشتعلًا، بدءًا باحتلال العراق، فالسياسة العشوائية لـ “اجتثاث البعث” مرورًا بالانسحاب التكتيكي الاعتباطي في عام 2011، لا شك أن احتلال العراق غير شرعي بالمطلق ولا يمكن لأحد تبريره حتى صانعيه، إلا أن الولايات المتحدة تخلت عن مسؤولية تنظيم الفوضى التي خلفتها وراءها. كما أن مرتكبي هذه الجريمة لا يزالون طلقاء، وهو ما يؤكد على أن الرئيس جورج دبليو بوش وأعضاء آخرين من إدارته – بما في ذلك نائب الرئيس ديك تشيني، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وجون بولتون، الذي عينه الرئيس دونالد ترامب مؤخراً كمستشار الأمن القومي القادم يجب أن يقدموا إلى المحاكمة كمجرمي حرب”.

لكل ذلك أقدم الشاب الصحفي منتظر الزيدي على إلقاء حذائه بوجه المجرم بوش وصنيعته المسخ نوري المالكي في آخر مؤتمر صحفي يعقد في بغداد التي أبى أحد أبنائها البررة والشرفاء إلا أن يودع المجرم الغازي بفردتي حذاء بدل باقات الزهور التي سبق أن صرح المجرم بوش أن الشعب العراقي سيستقبل بها الغزاة القتلة، وإذا كان التاريخ سيخلد لمنتظر الزيدي ما قام به مترجما ضمير كل فرد من الشعب العراقي فإنه سيطوي صفحة الإجرام التي أقدم عليها بوش الصغير وسوف لن يذكره التاريخ إسمه وفترة حكمه إلا باللعن والعار.

(1) نائل حريري: عن الدور الأمريكي في أصول داعش

شبكة البصرة
الثلاثاء 10 ربيع الثاني 1440 / 18 كانون الاول 2018
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط
كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب