من الأولى بإعادة اعمار سوريا؟!؛ |
السيد زهره |
قبل أيام، قال الرئيس الأمريكي ترامب ان السعودية والدول الغنية الأخرى في المنطقة، ويقصد بالطبع دول الخليج العربية، هي الأولى بأن تتحمل تمويل إعادة اعمار سوريا.
قال هذا في معرض تبريره لقرار أمريكا بوقف دفع مبلغ 230 مليون دولار سنويا مخصصة لإعادة اعمار سوريا. لكن، ما الذي يقصده ترامب بالضبط؟.. لماذا في رأيه ان السعودية ودول الخليج العربية هي التي يجب ان تتحمل نفقات إعادة اعمار سوريا؟ أغلب الظن ان السبب الرئيسي في ذهنه هو ان هذه الدول هي غنية، كما يردد باستمرار. لكن هذا ليس مبررا. ان كان الأمر هو امر غنى وامتلاك أموال، فان هناك دولا كبرى كثيرة في العالم أغنى من السعودية ودول الخليج بكثير،ـ فلماذا لا تتولى هي مهمة إعادة الاعمار؟ واغلب الظن أيضا ان في ذهن ترامب ان سوريا دولة عربية، ومن ثم فان الدول العربية الغنية هي التي يجب ان تعيد اعمارها. هنا، فان نقاطا كثيرة يجب ان نثيرها. قبل كل شيء، فان الدول العربية، الغنية وغير الغنية، لم تكن هي التي دمرت سوريا وشردت شعبها. من دمر سوريا وأباد مدنا وقرى، وشرد اغلب الشعب السوري، هي الدول التي حاربت هناك ومعهم الجماعات ولقوى الإرهابية. بعبارة أوضح، من دمر سوريا هي أمريكا وروسيا وايران وتركيا، والمنظمات الإرهابية، ومعهم النظام السوري. المنطق البديهي البسيط يقول ان من دمر سوريا هو الذي يجب عليه ان يعيد اعمار ما دمره. ومن شرد شعب سوريا هو الذي يتحمل مسئولية اعادته الى ارضه وبلاده وبيوته. الأمر الثاني أنه منذ ان بدأت مأساة سوريا الدموية، لم يؤخذ رأي الدول العربية في أي شيء يتعلق بالأوضاع السورية، ولم يتم اشراكها في أي مفاوضات أو حوارات تجري حول المحنة حاضرها ومستقبلها. الدول الأجنبية هي التي احتكرت كل شيء يتعلق بسوريا، وهي التي تقوم الآن برسم مستقبلها، وحتى صياغة دستورها المفترض. وأيضا المنطق البديهي البسيط هنا يقول ان من اعطى لنفسه حق احتكار كل ما يتعلق بسوريا وحق تقرير مصيرها، هو الذي يجب ان يتحمل مسئولية اعمارها. الأمر الثالث، اننا لا نعرف أي سوريا بالضبط التي يراد للدول العربية ان تعيد اعمارها، والتي ترسم الدول الأجنبية مستقبلها. هل هي سوريا المقسمة الى دويلات طائفية؟ هل هي سوريا المقسمة الى مناطق نفوذ دائمة بين امريكا وروسيا وايران وتركيا؟ هل يراد من الدول العربية ان تقوم بتمويل دويلات الطوائف ومناطق النفوذ الأجنبية في سوريا؟ هل يراد من الدول العربية ان تقوم بتمويل ضياع سوريا كدولة موحدة، وكدولة عربية؟ كل هذا الذي ذكرناه لا يعني ابدا اننا نعارض ان يكون للدول العربية دور في اعادة اعمار سوريا. لكن قبل أي حديث عن هذا الدور العربي في اعادة الإعمار يجب أولا ان يكون للدول العربية كلمة حاسمة فيما يجري من مفاوضات حول مستقبل سوريا. هذا أمر. الأمر الآخر ان احد الشروط الأساسية للمشاركة في إعادة الإعمار ان تضمن الدول العربية أن سوريا سوف تكون دولة موحدة محافظة على هويتها العربي وانتمائها العربي لا خاضعة لاحتلالات أجنبية ومركز تهديد للأمن العربي. |
شبكة البصرة |
الثلاثاء 17 ذو الحجة 1439 / 28 آب 2018 |
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط |