الشعوب الإيرانية في ذكرى النكبة

ويمكن القول انه منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا لم يحدث ان مرت هذه الذكرى مرورا كئيبا بالنسبة للنظام الإيراني مثلما هو الحال هذا العام.

هذا العام لا يجد النظام الإيراني ما يحتفل به، ولا ما يقوله للشعب ويدافع به عن نفسه. هذ العام، حلت ذكرى الثورة وذكر ى اعلان الجمهورية الإسلامية، والنظام محاصر من كل جانب في الداخل والخارج، وتعصف به الأزمات الطاحنة.

في الداخل، تفجر الصراع العلني بين اجنحة السلطة المختلفة، وفي خضم هذا الصراع وتبادل الاتهامات بين اركان السلطة، تكشفت فضائح النظام في كل مجال. والشعب الإيراني انتفض انتفاضة عارمة غير مسبوقة في نطاقها وابعادها ضد النظام. وفي الخارج، اصبح الارهاب الذي يمارسه النظام والخراب الذي يحله بالمنطقة موضع ادانة العالم كله، وتتشكل ملامح تحالفات إقليمية ودولية عازمة على مواجهة النظام ووضع حد لخطره.

ويبقى التطور الأكثر أهمية هنا هو موقف الشعب الإيراني نفسه. الشعب الإيراني، احيا ذكرى الثورة وذكرى قيام الجمهورية الإسلامية هذا العام على اعتبار انها ذكرى لنكبة تاريخية حلت به وبتاريخه.

والشعب الإيراني اظهر ذلك للعالم كله في انتفاضته العارمة التي اندلعت مؤخرا.

الشعب الإيراني انتفض لأنه وبعد هذه العقود لم يجن من هذا النظام البائس الا البؤس والشقاء.. عاش في ظل نظام إرهابي فاسد ديكتاتوري استبدادي.. عاش أوضاعا اجتماعية واقتصادية بائسة غاية ما يكون البؤس.. عانى من ظلم وقهر واستبداد باسم الدين.. ثروته الوطنية جرى سرقتها وتبديدها في خدمة مشروع طائفي ارهابي في المنطقة.. وهكذا.

ولهذا، فعل الشعب الايراني في هذه الانتفاضة ما لم يفعله في أي احتجاجات سابقة.. لم يطالب بإصلاحات معينة، ولم يميز بين اصلاحيين ومحافظين.. طالب برحيل النظام برمته. لأول مرة، طالب الشعب الإيراني بسقوط المرشد الأعلى، وسقوط نظام الجمهورية الإسلامية برمته.

هذا بالنسبة للشعب الإيراني وحاله مع النكبة التي حلت به بقيام هذا النظام الإرهابي.

اما بالنسبة للمنطقة، فقد كان قيام هذا النظام ابشع وأخطر تطور شهدته في تاريخها الحديث والمعاصر.

قبل قيام هذا النظام، لم تعرف الدول والشعوب العربية فتنا او صراعات طائفية. بعد قيامه، قام وعن عمد تام بتأجيج الطائفية المدمرة القبيحة وعمل على اثارة الصراعات بين أبناء الوطن الواحد في عديد من الدول العربية.

هذا النظام اعتمد مشروعا طائفيا عنصريا فارسيا لا علاقة له بالإسلام، تصور انه من خلاله يمكن ان تكون له الهيمنة في المنطقة. وسعى الى محاولة تنفيذ هذا المشروع بأبشع صور الإرهاب وانشأ ومول ودرب وسلح عديدا من القوى والجمعات والمليشيات الإرهابية العميلة في الدول العربية عاثت بدروها إرهاب وتخريبا في دولها خدمة لمشروع الملالي في طهران.

النظام ارتكب ولا يزال يرتكب هو والقوى والجماعات العميلة له جرائم مروعة في عديد من الدول العربية سعيا الى تحقيق اطماعه وتقويض الأمن والاستقرار.

ولهذا، ليس من الغريب ان احدى اكبر القضايا المطروحة اليوم على أجندة العمل العربي هي مواجهة هذا النظام ووضع حد لخطره الداهم.

المهم اليوم ان ذكرى قيام هذ ا النظام الديني الفاشي الإرهابي تأتي وقد سقطت عنه أي أوراق يمكن ان تستر عوراته.. تأتي وقد ادرك الشعب الايراني قبل أي احد في العالم فداحة النكبة التي حلت به.

المهم ان هذه الذكرى تأتي هذا العام وقد ادرك الشعب الايراني ان هذا النظام يجب ان يرحل برمته وان يزول. وسقوط هذا النظام ليس مطلبا ومصلحة للشعب الايراني فقط، وانما للمنطقة وللعالم.

لا احد يعلم متى يمكن ان يتحقق هدف سقوط النظام الإيراني. لكن المهم هو ان هذا السقوط أصبح في وعي الايرانيين والعالم حتمية تاريخية لا بد ان تحدث. وهذا في حد ذاته خطوة كبرى على طريق السقوط