.. لكن الذئب لا يصبح حملا!؛ |
||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||
السيد زهره | ||||||||||||||||||||||||
من العجيب ان البعض ابدى استغرابه من الموقف الذي اتخذته ايران في مؤتمر الكويت الأخير لإعادة اعمار العراق.
الذي حدث أن ايران امتنعت في المؤتمر عن تقديم أي دعم او مساهمة من أي نوع للعراق في المؤتمر. بل ان وزير الخارجية العراقي ظريف، وكنوع من الاحتقار للمؤتمر فيما يبدو، رفض ان يكون موجودا في الصورة الجماعية للمشاركين في المؤتمر. الذين يستغربون هذا الموقف الإيراني في ذهنهم بالطبع ان ايران هي اكبر من استفاد من العراق في السنوات الماضية، وأصبحت شبه مهيمنة على المقدرات العراقية، ولهذا كان من المفروض من باب أولى ان تكون في مقدمة من يحرصون على المساهمة في إعادة اعمار وبناء العراق. هذا في الحقيقة تفكير ساذج لا ينم عن فهم للنظام الإيراني وطبيعته. وزير الخارجية الإيراني برر هذا الموقف بالقول ان “ايران أدت واجباتها تجاه العراق طوال السنوات الماضية”. ما هي هذه “الواجبات التي يتحدث عنها؟.. الكل يعلم ما فعلته ايران في العراق من دمار وخراب وتكريس للطائفية والإرهاب في ابشع صوره، وللفساد الذي استنزف ثروات البلاد، ومن حيلولة دون أي جهد للتوحيد الوطني وبناء نظام وطني جامع. هذا هو “الواجب” الذي قامت به ايران في العراق، واعتبر ظريف انه يغنيها عن اي شيء آخر. بالمناسبة، هذا هو نفس منطق أمريكا لتبرير عدم تقديمها اي مساهمات في إعادة اعمار العراق. قال المسئولون الأمريكيون ان أمريكا قدمت للعراق الكثير من قوات عسكرية أمريكية ومساهمة في مكافحة الارهاب.. الخ. هذا مع ان أمريكا هي المسئول الأول عن خراب العراق. ايران وأمريكا لسان حالهما واحد: يكفينا جدا ما حل بالعراق من خراب ودمار. هذا ما أردناه، وهذا يكفينا. البعض حاول فيما قرأت، ان يوجد عذرا لإيران في موقفها. قالوا ان ايران تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة أصلا فجرت مؤخرا غضبا شعبيا عارما. ولهذا، لا تستطيع الحكومة الإيرانية ان تعلن تقديم مساهمة كبيرة في إعادة اعمار العرا ق، فقد يكون لهذا رد فعل سلبي للغاية من الشعب الإيراني. مع ما يبدو من وجاهة لهذا العذر، فان الحقيقة ليست هكذا. كان بمقدور النظام الإيراني ان يعلن مساهمة رمزية مثلا، او حتى ان يعبر بوضوح عن حرصه على اعادة اعمار وبناء العراق. ما هي الحقيقة اذن؟.. ماذا وراء هذا الموقف الإيراني؟ وراءه سببان جوهريان: الأول: ان هناك كلمات ليس لها وجود على الاطلاق في القاموس السياسي الايراني، نظريا وعمليا. كلمات مثل، العمار، او الإعمار، او البناء، وما شابهها. لا وجود لهذه الكلمات لا بالنسبة للعرا ق او أي بلد آخر. القاموس الرسمي الإيراني لا يعرف الا كلمات مثل، الإرهاب، والخارب، والدمار، والطائفية، وما شابهها. السبب في ذلك ان مشروع ايران في المنطقة، هو مشروع طائفي إرهابي هدفه الأساسي الحاق الدمار والخراب بالدول العربية. والثاني: أنه لهذا السبب السابق تحديدا، فان ايران لا تريد ابدا للعراق ان يتعافى وأن يقوى كدولة، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وعسكريا. النظام الإيراني يعلم تماما ان دولة عراقية قوية بحق لن يكون فيها مكان لإيران وعملائها ومشروعها المجرم. على ضوء كل هذا، فان الذين يستغربون موقف ايران في مؤتمر اعادة اعمار العراق، كأنهم يستغربون: لماذا لا يكون الذئب حملا؟ لكن الحقيقة هي ان الذئب لا يمكن ان يصبح حملا وديعا. |
||||||||||||||||||||||||
شبكة البصرة | ||||||||||||||||||||||||
الاحد 3 جماد الثاني 1439 / 18 شباط 2018 | ||||||||||||||||||||||||
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط |