في ذكرى استشهاد القائد العربي صدام حسين..
أضواء على المعاني والدلالات!؛ |
اسماعيل أبو البندورة |
إحياء ذكرى استشهاد القائد المجيد صدام حسين في معظم أقطار الوطن العربي والعالم كل عام هو بحد ذاته دلالة واضحة من دلالات الوفاء والتمسك بالقيم والمباديء الكبرى للأمة، وهي وكما يراها أبناء الأمة وقفة للمراجعة والمذاكرة بقضايا الأمة وإعضالاتها وليس ندباً ومناداة للغائب بديلا عن الحاضر ذلك أنه كان على رأس وصايا الشهيد للأمة أن تكون حاضرة وأن تتعامل مع التاريخ الحافز بأكثر ما تتعامل مع الأشخاص فالتاريخ بجريانه ومسراه باق يذهب فيه الأشخاص وتبقى الأمم وفيه ومن خلاله تصنع الأحداث والوقائع وفيه ميدان الاحتمالات بأن تبقى الأمم أو تزول.
ولهذا الاستذكار مغازي كثيرة إذ تكمن فيه لحظة تاريخية انعطافية مجيدة كان لها أبطالها وفرسانها من صناع التاريخ ولم تكن لحظة عابرة يمكن تجاهلها أو طمسها، وكان لهذه اللحظة التاريخية ما قبلها وما بعدها بعد أن أسست في الوعي العربي بعداً من أبعاد النهضة والثورة، وبعد أن اشتقت طريقاً للعبور إلى التقدم وبناء الانسان والدولة وفتحت الأعين على ممكنات الرؤية القومية في الإنبعاث في حال ممارستها وتحققها على أرض الواقع. كان الشهيد ورفاقه صناعاً لهذه اللحظة التاريخية في حياة العرب وكان لها صدىً واستقبالا ايجابياً واعياً أخذ في بعض أطواره يزحزح الوعي الشقي والتشاؤم واليأس الذي حاق بالأمة وكانت أمجد تجلياتها عندما أخرجت الوعي العربي من جموده وكسله واستكانته وحررته من القيود الكثيرة التي كبلته طوال الفترات الماضية وفتحت الدرب والآفاق أمامه ليرى حاضره ومستقبله بأعين عربية وتطلعات قومية بعيدة الوقع والأثر والممكنات. صنعت لحظة الشهيد ورفاقة الأمل في لحظة اليأس وانبثقت منها رؤية لافتة وجاذبة ليس للعرب وحدهم وإنما لكل الدول المقهورة والرازحة تحت قيود التبعية والاستتباع والتهميش والانتهاك والاستباحة، وكانت بعناصرها المختلفة طريقاً ثالثاً لكسرالقيود وخروجاً من الدائرة الاستعمارية إلى الدائرة الانسانية. كانت اللحظة التي شادها الشهيد ورفاقه بالعزم والتحدي والإصرار أفقاً مفتوحاً على الحرية بأوسع أبوابها ودرباً لابد لكل شعب يريد الحياة أن يرتاده ولذلك بقيت وستبقى في ذاكرة الشعوب نموذجاً ورأس مال رمزي لحراكها ووثبتها في كل اللحظات. لاغرو إذن أن يشعر العرب والعالم بالفقدان الكبير للشخص واللحظة معاً وأن يتم استذكار الشهيد والتجربة في كل اللحظات التي تنسدّ فيها الآفاق ويطغى فيها الانسحاق والإلحاق والتبعية وفي مثل هذا الزمن الأخرق الذي تكاد فيه الأمم أن تتلاشى وتفقد قرارها وينحسر دورها وتتقدم فيه قوى الشر والعنصرية ويتسيد الساحة أعداء الحرية وفقهاء الظلام. تذهب الشعوب طوعاً ووفاءً في لحظات أزمتها إلى التجارب الموحية وإلى القيادات الرمزية التي صنعت التاريخ وتعيد قراءة معطياتها ودروسها لكي تجدد وعيها وتستنهض قدراتها وترتب عقلها، وهي بذلك تعيد انتاج تأسيسات لتغيير حالها وتشيد بناءات لمواجهة تحدياتها ولذلك تراها تستذكر لتستيقظ وتراجع لتنهض وتبوح بالكامن فيها لكي تتحدى وتصمد، وتطلق النداءات لكي تبدع لحظاتها الجديدة وليس أقرب للشعوب ولحظاتها من الشهيد صدام حسين ورفاقه وتجربته تلك التجربة النموذج التي تحدت وصمدت وصبرت وصابرت وصنعت التاريخ النموذج وافتتحت الآفاق المسدودة وأوجدت للأمة الحضور التاريخي المهيب والرمزيات والدلالات المخبأة والقدرات الواعدة. هذه بعض معاني الاستذكار وهذه هي المقاصد المنشودة من إعادة وتجديد الحديث عن الشهيد والتجربة كل عام، إنها محاولة لاستدخال هذه اللحظة المجيدة في الوعي العربي والعالمي لتكون منطلقاً ونقطة بداية للتطلع إلى المستقبل وهي أيضاً إحدى تعبيرات الوفاء للرجل العربي الشجاع وثلة الشهداء الأبرار الذين وقفوا بإباء وكرامة أمام الطغاة وعملاء أمريكا وإيران وقالوا بصوت واحد : هيهات منا الذلة! |
شبكة البصرة |
الاحد 6 ربيع الثاني 1439 / 24 كانون الاول 2017 |
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط |