حوار مع طالب المذخور:
نحن كشعب نتحمل 80 % من عبئ إستمرار الإحتلال
أجرى موقع المقاومة الوطنية الأحوازية “أحوازنا” حواراً مع الأستاذ طالب المذخور مسؤول الدائرة السياسية في المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز “حزم” حول الوضع الذي تمر به الساحة الأحوازية في داخل وخارج الوطن. وقد تطرق الأستاذ طالب المذخور إلى العديد من الأحداث المهمة التي طرأت على الساحة الأحوازية مثل عملية الإصلاحات التي قامت بها حركة النضال العربي لتحرير الأحواز في أكتوبر 2015 والخطوات التي إتخذتها التنظيمات الأحوازية بإتجاه العمل المشترك.
1. بداية صف لنا، أستاذنا الكريم، معاناة الشعب العربي الأحوازي والقمع وإضطهاد والحرمان الذي يتعرض له من قِبل الإحتلال الفارسي؟
في الحقيقة أنا أستغرب من التركيز على معاناة الشعب العربي الأحوازي جراء سياسات الإحتلال والحديث عن القمع والإستبداد، وأتصور من خلال التركيز على هذه المعاناة فإننا نحول المسألة من إحتلال وطن بأكملة إلى مسألة حقوق إنسان وكأننا نعاني من حكومة مستبدة فقط، فظاهرة الأستبداد موجودة في دول عديدة من العالم رغم عدم وجود إحتلال أجنبي، وبتصوري أن وجود إحتلال أجنبي هو بحد ذاته أمتهان لكرامة الإنسان ومساس بمدلول أنسانيته، فالإحتلال والعبودية سواء في نظري لذا أنا لم أكتب عن ممارسات المحتل ولن أكتب لأني أريده أن يبقى محتلا وهي صفة مَن لا إنسانية، لا دين ولا أخلاق لديه فلو فرضنا جدلاً أن المحتل الفارسي لم يمارس سياسات أستبداد وقمع فهل كان سيكون وجود الفرس على أرضنا طبيعي ومقبول؟ وحقوق الشعوب التي تعاني من وجود إحتلال أجنبي هذه أقرّت من قبل القانون الدولي في حالة الحروب ودخول القوات في أراضي بلدان أخرى بمعنى الإحتلال المؤقت. أما نحن فيكفي أن نقول أن وطننا محتل وهذا تعبير أوضح وأشمل من أي وصف آخر.
2. برأيكم ماهي الأسباب التي أطالت بعمر الإحتلال؟
في أكثر الحالات وحشية فإن أي إحتلال لا يتحمل أكثر من 20% من المسؤولية، فنحن كشعب أحوازي وتنظيمات وطنية نتحمل 80% من عبئ أستمرار وجود المحتل الفارسي، أما تفصيل هذا الأمر فهو متشعب كثيرا ولا يمكن تلخيصه بسهولة فالمأساة كبيرة وبصدق أقول إننا لسنا بمستوى مقارعة إحتلال الفرس للاحواز من الناحية الفكرية السياسية وبقائنا بمثل هذا المستوى لن يغير شيئا من الواقع.
3. بتاريخ 21 نوفمبر 2015، عقدت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز مؤتمرها السياسي الثالث في مدينة لاهاي الهولندية، و قد رأينا مشاركة كافة الفصائل الأحوازية تحت سقف واحد و لربما لأول مرة في تاريخ القضية الأحوازية، ما الذي جعل تلك القوى الوطنية تجتمع على كلمة واحدة و ماهي الأسباب التي كانت تعيق هذه الوحدة الوطنية؟
أعتقد أن ماحدث كان أمر طبيعي نتيجة تصرفات قيادة حركة النضال قبل الإصلاح، فالنهج الذي سارت به كان خطير جدا وله أسبابه، وكانت التنظيمات الأحوازية تراقب ما يجري وتتلمس خطورته على المرحلة الراهنة والبعيدة، وببساطة كنت أرى وهذا رأي الشخصي أن الحركة تحقق بدون وعي ما يسعى له الإحتلال الفارسي، فلو كنت فارسيا واعمل في جهاز الإستخبارات فسيكون جلّ عملي مركز على كيفية تشتيت الأحوازيين وإحداث شرخ فيما بينهم وهكذا كانت تعمل حركة النضال، وهذا الحديث لا يمس بوطنيتهم ولكن يمس بطبيعة الفكر الذي يحركهم وهو لا يصلح لتحرير قرية فكيف يمكن أن يصلح لتحرير دولة. فموقف التنظيمات كان مسؤول وطبيعي جدا.
4. إجتماع الأحوازيين على طاولة واحدة بحد ذاته أمر ملفت للنظر و صعب في نفس الوقت، ماذا يمكن للشارع الأحوازي أن ينتظر بعد اجتماع القوى الأحوازيه في لاهاي؟
أعتقد أن ما ينتظره الشعب أكبر بكثير مما حدث ولو أنه خطوة أيجابية مهمة للغاية، ولكن ومنذ عام 1925م وليومنا هذا لم نستطع تأسيس ما يمثل هذا الشعب وهذا من الناحية القانونية مثلبة كبيرة علينا، فبعدم وجود شرعية للدولة الاحوازية فإن من يمثل الشعب العربي الاحوازي هو حكومة الإحتلال، فهل يدرك الأحوازيون هذا؟ وبالتالي فإن عدم كشف الحقائق والعيوب والقصور فينا سيجعلنا تحت سلطة الإحتلال إلى فترة أطول إن لم تحدث تغيرات دولية، وعلينا أن ندرك إن الإحتلال لن يتغيّر إنما نحن يجب أن نتغيّر.
5. في سلسلة من مقالاتكم تحت عنوان “الفكر السياسي الأحوازي في المرحلة الراهنة_الأمن القومي” أشرتم لأمور عديدة و تطرقتم إلى بعض الشخصيات السياسية في الساحة الأحوازية حيث ذكرتم ” نحن لا نبحث عن شخصية تمارس علينا دور -الكهنوت السياسي-، فهذا زمان قد ولى مع نهاية القرن العشرين، وزمان الأصنام البشرية لم يعد جائزاً في عصرنا هذا” هلّا حدثتنا أكثر حول هذه النقطة وعن الذين يمارسون دور-الكهنوت السياسي- و نواياهم؟
كي أكون واضحاً وأتحدث بشفافية أستذكر حكمة تقول “إذا فسدت حاشية الملك فسد الملك والملك، وإن صلُحت الحاشية صلح المُلك والملك “ وهذه حكمة نجدها حتى في بيوتنا، وبالتالي فالمسألة لا تتعلق بشخص بحد ذاته وربما كان هذا الشخص ضحية أو كبش فداء، فأعتقد أن هناك خلل كبير في الفكر السياسي وفن الإدارة خصوصا ونحن نتحدث عن قضية كبيرة تتعلق بمصالح دول عظمى، فربما لو أرتقينا بتفكيرنا لمستوى رجال دولة فحينها سوف نصنع الثورة، ولذلك فالكهنوت السياسي الذي قصدته هو كناية عن الكهنوت الديني، فرجل الدين يستخدم الخرافة للسيطرة على عقول البسطاء من الناس ورجل السياسة الكهنوتي يستخدم نفس الخرافة ولكنها بصيغة سياسية وبالتالي فإن أي خطوة نخطوها هي أنجاز يقربنا من الجنة في الدين ويقربنا من النصر والتحرير في السياسة. وأعتقد وبصدق أن نواياهم ليس بالضرورة سيئة ولكن فيها بساطة وعفوية وهذه صفات لا تصلح لرجال سياسة. فأغلب الحديث عن الاحواز هو ليس عن الاحواز كقضية إنما أعتقد عن أحواز مكيفة داخل عقول فيها طين من وجهة نظري، فأستغرب كثيرا وأشعر أن هناك من أبناء وطني من يعيشون في داخل غرف مظلمة وطبيعة الظلمة التي تلفهم تجعلهم يعيشون في الأوهام ويتصورون أشياء من بنات أفكارهم. فلو أدرك الأحوازي حجم التعقيدات في قضيته لأدرك حجم العجز الفكري الذي نحن فيه وأدرك أسباب مواقف الدول العربية، فالاحوازي يتحدث عن أحواز في مخيلته هو وليس عن الاحواز الحقيقة والفرق بينها مثل حبة الرمل وسلسلة جبال هملايا. وبالتالي فالكهنوت السياسي يصبح تجارة رابحة وأكثر أرضاءا للغرور والضمير.
6. انتم كنتم من القليلين الذين توقعوا ما حدث في حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، وكنتم أيضا من الأوائل الذين أشادوا بالخطوة الإصلاحية حيث ذكرتم في إحدى مقالاتكم بأن” الخطوة الإصلاحية في الحركة أنقذت الشعب الأحوازي من مصير مظلم سواء كان بعلم ودراية منها أم لا”، هل الحركة و الفكر السياسي الذي كانت تتجه إليه في فترة ما قبل الإصلاحات، فعلا كان يهدد الشعب العربي الأحوازي و كيف؟
عندما يصعد إنسان لنخلة فنقول إننا سوف نجني رطباً، وحين يصعد عمود كهرباء نتوقع أنه سوف يُصعق، فكل تجارب تأريخ نضالات الشعوب كانت تؤكد أن الحركة سوف تصل لنقطة تحوّل، وكنت أقول لبعض الأخوة أن ما يؤخر توقعي هو فقط رجل يستطيع أتخاذ موقف قيادي فمتى ما وجد الرجل سوف نشهد تغييرا يحدث، لأن للتأريخ حركة وهي ليست عشوائية ونحن كمؤمنين بالله نؤمن أنها قدرية، بمعنى ما بنيّ على باطل فهو باطل، وهذا لا يعني أن الحركة حين تأسيسها بُنيت على باطل بل بالعكس فهي عُمّدت بدماء الشهداء الزاكية، ولكي أشرح هذا الأمر بالتفصيل فسوف أكتب عن علاقة المال بالسلطة والثورة. أما عن مسألة إنقاذ القضية الوطنية فهي كذلك وهناك أمور لا أستطيع الحديث عنها تتعلق بتأريخ قضايا شعوب أخرى مرت بنفس التجربة وكانت الحركة تسير بنفس الإتجاه الذي لا يدركون عواقبه، وكما يقول المثل (الحكيم من أتعضّ بغيره) فقد تكون هذه المرحلة التي نحن فيها من أدق مراحل تأريخ نضالنا الوطني وأي خلل في هذه المرحلة سوف يتحوّل إلى كارثة مستقبلا، ولذلك أرى أن الثورة الإصلاحية وهي تستحق هذا المصطلح أعادتنا إلى وضع مقبول ويمكن تطويره للأفضل.
7. الإجتماع ووحدة القوى الوطنية تمت في ظروف أشبه بالإستثنائيه بعد عملية الإصلاحات التي أجرتها حركة النضال، كيف تستطيع الجهات الأحوازية تلافي الخلافات الفكرية و السياسية و تسير علي منهج واحد متفق عليه؟ و هل نستطيع القول ان هناك مشروع يتم أو سيتم بلورته في المستقبل القريب بعد مؤتمر لاهاي؟
أنا شخصيا لست مقتنع بوجود خلافات فكرية سياسية، فلو كانت كذلك لكان لنا اليوم شأنٌ أخر، بل أن الخلافات دون ذلك بكثير، فيمكن القول أن هناك فجوة بين مختلف الأمزجة وهناك تباين في المواقف التنظيمية فقط وليست الوطنية لأننا متفقون بشكل كبير جدا في المواقف الوطنية ولا خلاف حولها. ولدينا أزمة حقيقة في تقييم مدى الصلاحية والكفائة وهذه هي النقطة الأساسية بل والجوهرية، فمتى ما حُلت سوف تنتهي كل الإشكالات وأتصور من وجهة نظري أن أفضل حل لهذه الظاهرة هو الأستعانة بدساتير دول عديدة لنصيغ منها معادلة تقييم، فنحن نتحدث عن دولة تحت الإحتلال وأهداف لإستعادة الدولة وبالتالي نحتاج تصور ورؤية ومشروع وليس بالضرورة مشروع وحدة وطنية لأن هذا الأمر يجب أن يكون طوعي وليس مُلزم، فالإلزام قد لا يولد قناعة ونكران ذات كما هو التطوع، كما إننا يجب أن لا نطرح في أي مشروع مسألة المحاصصة التنظيمية لإننا سوف نضع كل الشعب الاحوازي يجلس على قنبلة موقوتة، فما نجى شعب قبلنا من المحاصصة وسوف نلقى نفس المصير إن قبلناها، وواجهتنا هذه المسألة حين تأسيس منظمة حزم ولكننا تجاوزناها بعد حين وبمقابل خسارة بعض الأخوة.
فالمشروع الوطني أكيد هو حاجة ملحة وضرورية ولكني ولأول مرة أقول يجب أن لا نستعجل ونكرر أخطاء الماضي، والقفز على المرحلة لن يكون لصالحنا، فأهم نقطة في أي مشروع هو قناعة الأطراف المكونة له بطبيعة أهدافة وبأمكانية تحقيقها والشيطان يكمن في هذه النقطة “إمكانية تحقيقها” لأن الإمكانية مبحث واسع جدا لا يتسع له المجال الان. وبإختصار فإن الأزمة تتلخص في عملية خيارات التنظيمات والخيارات المطلوبة، وهل أن خيار التنظيم هو خيار المرحلة أم لا؟ وهل أن خيار التنظيم ينسجم مع خيار الشعب أم لا؟ فهذه أسئلة مشروعة ومطروحة واعتقد إننا أسسنا لجنة تنسيق وتشاور وإن شاء الله تتفق على تصورات حول كثيرا من الاسئلة المطروحة للنقاش والمداولة الفكرية وتخرج برؤية مشتركة يمكن صياغتها في مشروع الدولة الأحوازية.
8. كم نحن بعيدون أو قريبون من أهداف مؤتمر لاهاي عملياً وواقعيا؟
أعتقد أننا نسير بالإتجاه الصحيح الان وعلينا أن نجتهد في الوسائل ولا غنى عن صدق النوايا فهي المبدأ الذي يمكن البناء عليه بطمأنينة.
9. ما هي الرسالة التي تريدون توجيهها لأشقاءنا العرب الذين على حد تعبيركم وقفوا ضد الوحدة الوطنية الأحوازية، حيث ذكرتكم على حسابكم الرسمي على موقع تويتر للتواصل الإجتماعي “بعض الاخوة العرب حولوا القضية الأحوازية إلى مشاريع مزاجية ومصلحية تستهدف الوحدة الوطنية فنأمل أن يراجعوا مواقفهم فهي تدخل في شأن داخلي”؟
عايشت كثيرا القضية الفلسطينية ووجدت فيها من العرب من خاض معارك ضد الإحتلال الصهيوني ومن هلل وطبل لنفسه بمعاناة الشعب العربي الفلسطيني، واعتقد أن فقر قضيتنا الوطنية يتحكم كثيرا في طريقة حكمنا على الظواهر، فاكيد هناك عرب مخلصون لقضايا الأمة جميعها بما فيها القضية الاحوازية وهناك آخرون يستخدمون القضايا العربية للربح الشخصي، فالذين يظهرون على الفضائيات ليدافعوا عن النظام السوري واكيد يعلم من يدافع عن نظام مجرم فهو لا إنسانية لديه ولكن الأمر بالنسبة له مربح وهذه حالة موجودة في الساحة العربية ومن عاش في بلدان العرب يعرفها تماما.
ونحن كأحوازيين لدينا مقياس يراقب التصرف والعمل وليس القول، فالصادق العربي قد يشترط علي أن يدفع هو تكاليف السفر والإقامة بمقابل أن تدفع تلك التكاليف لعوائل الشهداء والفقراء من أبناء الشعب العربي الأحوازي، في عام 1982 م حينما ضرب الكيان الصهيوني مخيميّ صبرا وشاتيلا في لبنان كان هناك أحوازيون أفترشوا الرمال ليناموا عليها في مخيمات الثورة الفلسطينية في سوريا في مدينة درعا وأكلوا “رز بلبن” ليقاتلوا إلى جانب أخوتهم العرب ولم تكن هناك فنادق خمس نجوم. فنحن بحاجة للعرب فقط حينما يصبحوا جزأً منّا وليس جزأ علينا.وبحاجة للعرب حينما يجمعون ولا يفرقون، ولكن أكيد أن هناك من العرب من لا يجد في الوحدة الاحوازية مصلحة ترجى.
أحوازنا
شبكة البصرة
الثلاثاء 2 ربيع الثاني 1437 / 12 كانون الثاني 2016
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط