-{{{{{{داروسيا..............................................................إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ........................................................................... ولا بد لليل ان ينجلي وللجهل ان ينحسر؟؟؟!!!..................................................................................... بعناتا}}}}}}
بـــــــــــــــــــــــــــعــــــــــــلـــــــبـــــــك. ...غابت شمسها والعز تاه فيها .........................................................................................................................................................بعلبك يا دار الالهة بماضيها

قراءة في “وثيقة الاتفاق السياسي” للحكومة العراقية

قراءة في “وثيقة الاتفاق السياسي”

 

للحكومة العراقية

 

بقلم المحامي حسن بيان

بعد التطورات العسكرية والأمنية والسياسية التي شهدها العراق خلال الفترة التي سبقت العاشر من حزيران/2014، وتلك التي أعقبت، تشكلت حكومة أطلق عليها اسم “حكومة الوحدة الوطنية”. وأسندت رئاستها إلى حيدر العبادي، بعدما رفعت التغطية الداخلية والإيرانية والأميركية عن المالكي.

بتاريخ 1/9/2014، أعلنت الحكومة وثيقتها السياسية التي اعتبرت بمثابة بيان وزاري وتقدم بها رئيسها إلى المجلس النيابي لنيل الثقة على الحكومة مجتمعة وعلى أعضائها منفردين، وخلت من منصبي الدفاع والداخلية بانتظار أن يتم التوافق عليهما بعد تعهد من العبادي بأنه سيقدم الإسمين خلال أسبوع، لكن لم يحظ الاسمين بموافقة المجلس، وأرجئ الأمر إلى أجل غير مسمى وبالتالي لا يهم من يتولى هاتين الحقيبتين، لأن الأساس الذي يحكم سياسة الحكومة هو بيانها الوزاري.

لقد تشكلت الوثيقة من مقدمة وعشرين بنداً وفي طليعة المقدمة، استهلال الانطلاق من “المسؤولية الوطنية والتاريخية” الملقاة على عاتق القوى السياسية العراقية في الحفاظ على المصالح العليا للشعب العراقي، وصون سيادة العراق ووحدة أرضه وسلامة شعبه… وضرورة قيام “القوى الوطنية” بواجباتها إزاء ما يواجه العراق من تهديد لوحدته وحياة أبناء شعبه من ممارسة قوى الإرهاب والتكفير وعلى راسها عصابات “داعش”…وإيجاد أفضل العلاقات مع المحيطين الإقليمي والدولي، وختام المقدمة ذيّل باتفاق الكتل السياسية على اعتماد قاعدة أساسية ترتكز عليها في مواجهة متطلبات المرحلة القادمة وهي:

“الالتزام بالدستور والعمل بجميع مواده وبنوده من دون انتقائية وحل جميع الخلافات والمشاكل العالقة على أساسه باعتبارها الجامع المشترك لكل العراقيين”، وبعدها تفتح الوثيقة صفحة المبادئ الأساسية الموزعة على عشرين بنداً.

 

من خلال الوقوف على ما تضمنته الوثيقة في مقدمتها وبنودها وقراءتها قراءة سياسية متفحصة يتبين أنها صيغت “بهدوء” بعكس الجو الصاخب الذي كان يحيط بتشكيل الحكومة وعليها تسجل ملاحظات أساسية:

الملاحظة الأولى:

إن الوثيقة لم تشر في المقدمة ولا في البنود إلى هوية العراق القومية بحيث لم ترد كلمة واحدة عن عروبته في أي من صفحاتها الخمسة. وهذا تجاهل مقصود لأن الدستور لم ينص على أن العراق جمهورية عربية، بل نص على أنه “جمهورية ديمقراطية اتحادية” وإثباتاً على ذلك، بأن الوثيقة دعت إلى إيجاد أفضل العلاقات مع المحيطين الإقليمين والدولي ولم نشر إلى المحيط العربي، علماً أن العراق تحده دولتان إقليميتان هما تركيا وإيران، فيما تحده أربع دول عربية الأردن والسعودية وسوريا والكويت.

 

الملاحظة الثانية:

ان الوثيقة تشير في مقدمتها إلى اعتبار أن القوى التي تشكلت منها الحكومة هي “قوى وطنية” وأن مسؤولية تاريخية ملقاة على عاتقها للحفاظ على المصالح العليا للشعب العراقي وأن الذين يهددون وحدة العراق وحياة أبنائه هم قوى الإرهاب والتكفير، وعليه يجب نسج أفضل العلاقات مع المحيطين الإقليمي والدولي، والالتزام بالدستور باعتباره الجامع المشترك لكل العراقيين.

وهنا يطرح التساؤل؟ م

من تشكلت الحكومة؟ والجواب بديهي أنها تشكلت من القوى التي شاركت في العملية الانتخابية الأخيرة، وعلى أساس القانون الانتخابي المعمول به.

ولما كان القانون الانتخابي النافذ يفرض الترشح على أساس طائفي أو أثني وأياً كانت التسمية للكيانات التي يتضوي المرشحون تحت لوائها، فإن الذين يفوزون في الانتخابات يحسبون على أساس طائفي. وهناك فرق في الشكل والجوهر بين ما هو منتج وطني وما بين ما هو منتج طائفي في العملية الانتخابية.

وبالتالي فإن النواب المنتخبين يمثلون طوائف وليس شرائح اجتماعية، وعليه فإن اعتبار الكتل النيابية التي أقررتها العملية الانتخابية هي قوى وطنية، لا يستقيم والتوصيف الموضوعي لمفهوم الوطنية ولذلك لا يمكن إدراج القوى التي تشكلت منها الحكومة ضمن تصنيف القوى الوطنية للتناقض البيّن بين القوى ذات التركيب البنيوي الطائفي والقوى ذات التركيب الوطني والتي هي أساساً عابرة في بنيتها للطوائف أو المذاهب.

هذا من جهة التركيب البنيوي، أما من جهة الوطنية المرتبطة بمفهوم التحرر الوطني، فليس ظلماً أو افتراءً وصف هؤلاء الذين تشكلت منهم الحكومة بأنهم أبعد ما يكونون عن الوطنية بمفهومها التحرري. لأن بعضهم دخل العراق على متن الدبابات الأميركية، وبعض آخر، أفرزه الاحتلال طيلة فترة وجوده المباشر وإشرافه على إدارة الوضع العراقي بكل جوانبه السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية. ولهذا فهم ليسوا وطنيين وفق معيار الوطنية التحررية وبالتالي لا يمكن القول بأن القوى التي تشكلت منها الحكومة هي قوى وطنية، لأن الوطنية تعني الانتماء للوطن على قاعدة المواطنة وحماية الوطن من المخاطر التي تتهدده وأولها الاحتلال، وهذه القوى ليست كذلك وعليه فإن اعتبار الحكومة مشكلة من قوى وطنية تنطوي على مغالطة ترتقي إلى مستوى الخداع المضلل للرأي العام فضلاً عن كونه انتحال صفة.

 

الملاحظة الثالثة:

ان مقدمة الوثيقة تدعو إلى قيام القوة القوى الوطنية بواجباتها إزاء ما يواجه العراق من تهديد لوحدته وحياة أبناء شعبه، وتختصر ذلك بقوى التكفير والإرهاب وخاصة “داعش” وتتجاهل قوى أخرى مارست الإرهاب بكل اشكاله من القتل إلى الاعتقال والتعذيب والتهجير و”التطهير المذهبي”.

فلو كانت الحكومة تريد فعلاً مواجهة ما تسميه قوى الإرهاب والتكفير، فكان عليها أن تتجاهل ممارسات العصائب والألوية والتشكيلات التي تديرها إيران. أما وأنها ركزت على طرف دون آخر، فهذا يكشف عدم مصداقيتها من ناحية، وانسجامها مع نفسها من ناحية ثانية لأن من يكون طائفياً في بنيته ويمارس السياسة على أساس الطائفية، فانسجامه مع نفسه يفرض عليه أن يكون انتقائياً وهذا يسقط عنه صفة التمثيل الوطني، لأن من يعتبر الوطني بالفكر والممارسة موضع شبهة وتهمة، إنما يمارس الإرهاب وأن جاهر بموقف عكس ذلك.

 

الملاحظة الرابعة:

ان الوثيقة تختم مقدمتها بالالتزام بالدستور بجميع مواده وتعتبره جامعاً مشتركاً لكل العراقيين.

ان هذه الإشارة للالتزام بالدستور هي بيت القصيد في الوثيقة. فهذا الدستور أنتج في ظل الاحتلال، وهو القانون الأعلى المحدد لمواصفات الدولة والناظم للحياة السياسية.

وإذا كان الاحتلال وبإقرار كل المواثيق الدولية والأعراف والتقاليد هو استيلاء على أراضي الغير بالقوة، وفرض وصاية سياسية على البلد المحتل مع ما يعني ذلك من إسقاط لإرادة أبناء البلد في تحديد خياراته حياتهم العامة والخاصة والعلاقة مع الخارج، فكيف يعتبر ما صدر عن الاحتلال وهو المصادر للإرادة الوطنية، عملاً مشروعاً يجب التقيد بأحكامه!!؟

إن تأكيد الوثيقة على الالتزام “بالدستور”، يعني الالتزام بما أفرزه الاحتلال من نتائج قبل أن يحسم وضعه على الأرض. فهل هذا يتطابق والسياقات الطبيعية لواقع الحال في العراق؟

لو كانت الأمور استقرت للاحتلال وسلم الجميع أمرهم له، لكان صح القول أن “الدستور” شكل جامعاً لكل العراقيين أنا وأن الأمور لم تستقر للاحتلال، بل جبه بمقاومة أدت إلى انسحابه، فهذا يعني أن القوى التي استطاعت فرض الانسحاب على المحتل، هي أرجح في التمثيل الشعبي والسياسي على القوى التي كانت مستقوية به وتستمد حضورها ودورها منه، وبالتالي، فإن “الدستور” في هذه الحالة لا يشكل جامعاً لكل العراقيين، كونه يعكس مصالح قوى محددة دون أخرى فضلاً عن كون الذين يتمسكون به ويديرون العملية السياسية على اساسه، يفتقرون إلى المشروعية الوطنية التي تميلها الف باء الانتماء بالمواطنة.

من هنا، فإن الذين يعتبرون “الدستور” جامعاً لكل العراقيين، يعرفون ضمناً أنه غير ذلك، إلا أنهم يرفضون الاعتراف بالوقائع والحقائق التي أفرزها الفعل المقاوم للاحتلال وهم فيما يذهبون إليه من تقويم للوضع، ما يزالون يحتطون أنفسهم ضمن معطيات مرحلة من قبل الانسحاب الأميركي نهاية 2011، ومرحلة ما قبل تهاوي الدفاعات الإيرانية الأمنية والسياسية المموهة عراقياً في قلب المدن وعلى تخومها.

وهنا نستطرد لنقول أنه من الطبيعي جداً، أن يستطيع المحتل الأميركي الظاهر والمحتل الإيراني من الباطن، أن يجند قوى ترتضي العلاقة معهما لمنافع مادية وسياسية، وهذه تحصل لدى كل شعوب العالم التي تتعرض بلادها للاحتلال الأجنبي، لكن أن تقدم هذه القوى نفسها بأنها وطنية من جهة وتمثل كل الشعب من جهة ثانية، فهنا الطامة الكبرى التي تنطوي خداع كبير وتصوير الواقع بعكس ما هو منطو عليه من معطيات. فلو كانت هذه القوى وطنية قولاً وفعلاً، لما كانت ارتضت لنفسها التعامل مع الاحتلال، ولو كانت تمثل كل العراقيين فعلاً، لما كان الاحتلال ووجه بمقاومة وأضطر للانسحاب.

إذاً، العراق اليوم ومنذ وقع تحت الاحتلال هو تحت تأثير اتجاهين سياسيين، اتجاه، تعامل الاحتلال وتجلبب بعبائته وعاش على فتات منافعه المادية والسياسية، واتجاه قاوم الاحتلال وقدم تضحيات جسيمة على كافة الصعد والمستويات. وعليه فإن الصراع الذي اندلع منذ بدء العدوان على العراق وحتى تاريخه، هو صراع بين مشروعين، وان لكل من هذين المشروعين قواه السياسية والمادية، وهذا الصراع دخل منعطفاً جديداً بعدما استطاعت قوى المشروع المقاوم فرض واقع ميداني من خلال تمكنها خلخلة ركائز “العملية السياسية” والإمساك بمساحة واسعة من الأرض.

على ضوء هذه المعطيات التي أفرزها الصراع في العراق، أعلن عن تشكيل الحومة التي قدمت وثيقتها وضمنتها المقدمة وجملة المبادئ.

وإذا كانت المقدمة والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من متن الموضوع قد حفلت بالمغالطات التي هدفت إلى تشويه الوقائع وإعطاء صورة مخادعة وغير مطابقة لواقع الحال وما أفرزه من نتائج سياسية، فإن المبادئ التي تضمنتها الوثيقة في بنودها العشرين، لم تختلف في سياقاتها العامة عما أشير إليه في المقدمة، وهي جاءت حافلة بالمغالطات للإمعان في تضليل الرأي العام وأنه من بين البنود العشرين فإن واحداً فقط منها كان شديد الوضوح، وهو يختضر كل الجوهر السياسي للوثيقة.

فالبند أولاً:

أشار إلى تشكيل حكومة وطنية جامعة تعمل بروح الفريق الواحد على أساس مبدأي الشراكة الحقيقة والمسؤولية التضامنية. وهذا البند الذي تصدر لائحة المبادئ الأساسية، فيه إصرار على تسمية الحكومة بحكومة الوحدة الوطنية، وهذا بعكس الواقع القائم،كما جرت الإشارة إليه و أيضاً العمل على أساس مبدأ الشراكة الحقيقية. فأين هي الشراكة الحقيقية إذا كانت قوى أساسية وذات حضور وثقل وتمثيل سياسي وشعبي في موقع المعارض لهذا التشكيل الحكومي؟

إن الجواب على هذا التساؤل يمكنفي الصورة التي يقدم فيها أطراف الفريق الواحد المتعامل والمفرز من الاحتلال لنفسه باعتباره يمثل كل العراقيين حيث إن نظرة أولية لتركيبة الحكومة تبين الشراكة الحقيقية المعبر عنها في الوثيقة، هي بين القوى المتعددة التي تعاملت مع الاحتلال وهي قوى طائفية في تركيبها البنيوي والمشروع السياسي الذي تحمله وبالتالي فإن هذه الشراكة تصح في تأسيس شركة حيث توزع الحصص على الشركاء، وليس على إعادة تأسيس وطن يفترض أن يكون الجميع فيه متساوين في الحقوق والواجبات على قاعدة المواطنة.

إن الشراكة التي أشارت إليها الوثيقة هي شراكة قوى طائفية لا تمت للوطنية بمضمونها السياسي والاجتماعي بصلة.

وعليه، فإن الرأي العام يجب أن يكون على بنية من هذا الكم من التزييف للحقائق الذيتنفخ إليه لتلميع صورة من عمل تحت راية لاحتلال ونفذ أجندته السياسية.

ومن البند الأول إلى البند الثالث،

حيث تؤكد جميع القوى المشاركة في الحكومة على مكافحة الإرهاب وتحرير كل الأراضي العراقية من سيطرة داعش ومن على شاكلتها وحظر أي تشكيل مسلح خارج سيطرة الدولة.

في هذا البند تعيد الحكومة التأكيد فقط على “داعش” وعلى ما تسميه مجموعات إرهابية أخرى، وهي تقصد بذلك القوى التي تصدت للاحتلال ولإفرازاته وللعملية السياسية، وتتجاهل كلياً المجموعات والميليشيات، التي مارست القتل والإرهاب في عموم العراق والتي لم توفر مرجعيات سياسية ودينية وعشائرية لمجرد المجاهرة، بموقف ضد الاحتلال بظاهرة الأميركي وباطنه الإيراني وضد الطائفية بكل أشكالها وضد تقسيم العراق تحت مسمى الأقاليم.

والمفارقة الكبرى في هذا البند الذي ينص على خطر أي تشكيل مسلح خارج سيطرة الدولة، ينقضه ما ورد في البند السادس، حيث أخذت الحكومة على نفسها تعهداً بتطوير “الحشد الشعبي” والكل يعرف أن هذا الحشد هو تشكيل ميلشياوي مذهبي، تشكل بعد انهيار سلطة الحكومة السابقة في ثلاث محافظات وظهور مخاض شعبي معارض في سائر المحافظات وخاصة في الجنوب والفرات الأوسط.

فعلى ماذا يدل هذا؟؟ إن هذا يدل على أن التضليل والتزييف لم يقتصر على تصوير الهوية السياسية للحكومة بعكس واقعها، بل أيضاً بتقديم التشكيلات الميليشياوية المذهبية تحت عناوين وطنية، مقدمة لتشريعها واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الأمنية العاملة. وهذا ما يستدل منه، بأن تشريع هذه التشكيلات، إنما يراد منه تعميمه وتطبيقه في الأقاليم التي ترسم حدودها وفق منطوق الدستور. وبالتالي فإن المقصود بحظر التشكيلات المسلحة هي تلك التي لا تكون بأمرة الدولة، أما التي تكون بأمرة الدولة، فإنه مسموح تشكيلها. وهذا ما جاء في فقرة –ب- من البند الثالث:” يحظر تكوين ميليشيات خارج إطار القوات المسلحة” أوبمعنى آخر أنه ممسوح تشكيل ميليشيات عسكرية ضمن إطار القوات المسلحة. أو ليس هذا ما كانت تعتمده حكومة المالكي؟!

 

أما البند الخامس:

فتنص على إعادة بناء القوات المسلحة بحيث تكون ممثلة لجميع مكونات الشعب العراقي. فهذا البند، فيه استدلال على إسقاط القانون الوطني الذي بنيت عليه مؤسسة الجيش الوطني. بحيث أن مهمة هذا الجيش حماية الأمن الوطني وأمن المواطن، أما وأن تشكيله سيحصل على أساس مكونات الشعب العراقي، فهذا يعني أن الشعب العراقي لم يعد مكوناً وطنياً واحداً. وهو في ظل الدستور الذي نصت الوثيقة على الالتزام به، بات يتألف من عدة مكونات، وهذه المكونات هي طائفية وعرقية. وبالتالي فإن ما يطبق في السياسية يطبق على الجيش، وان الجيش عبر مفاصله الأساسية، يتشكل من ممثلي الطوائف والعرقيات وهذا يسقط وطنيته، بنية وعقيدة، انسجاماً مع قرار الاحتلال الأول، عندما حل الجيش العراقي باعتباره المؤسسة الوطنية الارتكازية الأهم في البنيان الوطني العراقي. وبطبيعة الحال فإن هذا ليس غريباً عن حكومة تنسب لنفسها الوطنية وهي غير ذلك وبالتالي ليس مستغرباً أن تعيد تركيب الجيش على أسس طائفية وتقول أنه جيش وطني.

أما حول ما أشارت إليه رزمة المبادئ في البند السابع حول محاربة الفاسد المالي والإداري، ومحاسبة المفسدين، فإن الذين جمعتهم الصورة التذكارية من أعضاء الحكومة ونواب الرئيس، هم ممن تناوبوا على السلطة طيلة الفترة التي أعقبت وقوع العراق تحت الاحتلال وحتى اللحظة. وكلهم كانوا غارقين في الفساد حتى أذنيهم، وأن المالكي قيل في فساده أكثر مما قال “مالك في الخمرة”، وقد عين نائباً لرئيس الجمهورية للاستفادة من ميزة الحضانة التي تحول ومحاسبته. وبالتالي فإن تضمين الوثيقة بنداً حول محاربة الفاسد ومساءلة المفسدين ليست إلا ذراً للرماد في العيون وخداع للرأي العام أسوة بخداع انتحال صفة الوطنية، وحال هؤلاء كحال العاهرة التي “تحاضر بالعفة”.

هذه البنود التي جرى التطرق إليها، جاءت ملتبسة بمفرداتها اللغوية، واما البنود الأخرى فتحوي على تكرار واجترار للمواقف التي أشير إليها أما البند الذي جاء واضحاً ولا يحتمل تأويلاً ولا يلفه أي التباس فهو البند ثانياً الذي تناول دور حزب البعث في الحياة السياسية، حيث أن الحكومة التي نصت في وثيقتها على المضى قدماً في مشروع المصالحة الوطنية، ومعالجة ملف المساءلة والعدالة وتحويله إلى ملف قضائي، فأكدت أن هذا يجب أن يترافق مع تشريع قانون حظر البعث، وتحت أي مسمى ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية.

إن هذا البند الذي جاء شديد الوضوح في مفرداته واستهدافاته،

هو البند الوحيد الذي لم يلفه الالتباس، وهو الوحيد الذي يؤكد بأن الحكومة منسجمة مع نفسها باعتبارها تضع نفسها في الموقع النقيض لحزب البعث وما يمثله.

ان التوقف عند هذا البند يعني أن مشروع المصالحة الوطنية، هو كذبة كبيرة، لأن المصالحة تكون عادة بين أطراف متخاصمين وليس بين أطراف متفاهمين، وإذا كان حزب البعث سيحظر وجوده ونشاطه وتحت أي مسمى بقانون فأي تعددية سياسية تتكلم عنها الحكومة!! وأي مصالحة تشير إليها؟؟

إن هذا البند الذي تلتزم الحكومة بمضمونه وحددت ستة أشهر سقفاً زمنياً لنفاذه، يعني وبما لا يقبل أي التباس، هو أن الحكومة التي تشكلت هي حكومة الفريق الواحد وأن تنوعت التلاوين الطائفية لأطرافه وعليه، فإن ما أصرت عليه الحكومة في بيانها حول موضوع قانون الاجتثاث والمساءلة، يسقط مفهوم السلم الأهلي، ويغلق الأبواب أمام إطلاق عملية سياسية جديدة، استناداً إلى الوقائع الموضوعية القائمة، وهذا يقود إلى أن الصراع في العراق سيبقى مفتوحاً على قاعدة التناقض بين المشروعين المتصادمين منذ وطأت إقدام لاحتلال أرض العراق.

هذا الصراع بين مشروع الاحتلال بكل ردائفه وإفرازاته وتقاطعاته، والمشروع المقاوم بكل أبعاده ومضامينه،

يهدف الأول منهما إلى إبقاء العراق مرتهناً للخارج الدولي والإقليمي، وهو مقسم واقعياً ومطيف بحياته السياسية ومجهل لهويته القومية، فيما يهدف الثاني إلى تحرير العراق وإعادة توحيده على الأسس الوطنية والديموقراطية وعلى قاعدة التعددية السياسية وحماية عروبته من إطماع الخارج وشعوبية وطائفية الداخل.

على هذا الأساس، فإن الوثيقة السياسية التي تبنتها الحكومة، لم تحدث تبدلاً نوعياً في مسار العملية السياسية، وكل ما في الأمر، أن الحكومة التي بدلت رموزها، لم تبدل مضمون مسارها السياسي، وبالتالي فإن العملية السياسية التي أفرزها الاحتلال أبقت نفسها هدفاً لقوى المشروع المقاوم. وإذا كانت قد قدمت وثيقة سياسية ملتبسة في بعض بنودها لخداع الرأي العام، وكانت واضحة في بندها الثاني المتعلق بحزب البعث، فإن قوى المشروع المقاوم وفي الطليعة منها حزب البعث، تقدم خطابها السياسي بوضوح تام، لا ليس فيه ولا التباس حوله، وهي تلخصه، بأن هذه الحكومة هي استمرار لسابقاتها، وهي حكومة لا تمت للوطنية بصلة، كونها حكومة محاصصة طائفية ومذهبية، وهدفها الالتفاف على الحقوق والمطالب المشروعة، وبالتالي لا خلاص وطنياً إلا بإسقاطها وإقامة الحكم الوطني الديموقراطي الذي يحمي وحدة العراق وعروبته وديموقراطية الحياة السياسية انطلاقاً من الغاء مفاعيل الدستور الذي وضع في ظل الاحتلال وإصدار عفو عام، واطلاق سراح المعتقلين والتعويض عن المتضررين، وإعادة بناء الجيش على أساس قانونه التأسيسي وعقيدته القتالية الوطنية، وتشكيل حكومة من ذوي الكفاءات المشهود لهم بالوطنية، وتشكيل هيئة تأسيسية تضع مشروع دستور جديد يطرح على الاستفتاء العام وليصار على ضوئه إعادة هيكلة الحياة السياسية.

إن وإعادة الهيكلة للحياة السياسية على قواعد الدستور الجديد تحدد فعلاً من يمتلك مشروعية التمثيل السياسي والشعبي بالاستناد إلى قوته الذاتية ومضمون مشروعه الوطني، كما يكشف الحجم السياسي والشعبي للذين استقووا بالاحتلال الأميركي والدعم الإيراني، وها هم اليوم يستدعون تدخلاً دولياً لتعويم دورهم وحماية مرتكزاتهم السياسية والأمنية في السلطة

أليست الديموقراطية هي العودة للشعب؟ فليعد الجميع إليه ليختبر كل فريق قوته ومشروعيته السياسية.

شبكة البصرة

الاربعاء 7 ذو الحجة 1435 / 1 تشرين الاول 2014

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب