الردة بالاسلام , والناسخ والمنسوخ واشياء اخرة
kkkkkk
Al Jazeera is funded in whole or in part by the Qatari government. Wikipedia
هل تستمر الرسالة؟ – مصطفى العقاد
#قناة_الشيخ_فراج_الصهيبي
مظلومية كمال الحيدري – حوار مباشر مع الشيعة 32
#قناة_الشيخ_فراج_الصهيبي
سباق خطباء الحسينيات في الكذب وخداع الشيعة
الحلقة الأولى من عرض كتاب الردة في الإسلام (1/ 6)
الحلقة الأولى (1/ 6)
الفصــل الأول :
إعتنـاق الإسلام بين الحـوار والإكراه
إن إشكالية أي طريق يؤدي إلى اعتناق الإسلام، أبالحوار هي أم بالإكراه، ابتدأت منذ السنوات الأولى لانطلاقة الدعوة الإسلامية. وهذا ما ناقشه الباحث في الفصل الأول، وفيه قام بتحليل النصوص والظروف التي رافقتها، مستفيداً من المنهج الذي يقضي بدراسة الظاهرة في مكانها وظرفها الزمني.
يُمهِّد الباحث للفصل الأول، بالكشف عن استنكار ابن كثير (774 هـ/1373م)، لمبدأ الإكراه، قائلاً: «عجب ربّك من قوم يُقادون إلى الجنّة في السلاسل»؛ يعني الأسارى الذين يُقدَم بهم إلى بلاد الإسلام في الوَثاق والأغلال والقيود والكبول، ثم بعد ذلك يُسلِمون، وتصلح أعمالهم وسرائرهم فيكونون من أهل الجنّة. أو أنهم يضمرون الكفر، أو النفاق، خوفاً على رقابهم من القطع؛ أو يدفعون الجزية وهم صاغرون. وهذا يطرح إشكالية الدعوة إلى الإسلام: هل بالحوار أم بالإكراه؟
وعن ذلك، يعرض الباحث إشكالية التوفيق بين النصين الواردين في القرآن: )لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ(، والتي اعتبر الفقهاء أنها نُسِخَت بآيـة )أذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(.
مستنداً إلى إجماع الفقهاء المسلمين على صحة نسخ آيات القتال لآيات الحوار، لعدة أسباب منها، أن الأولى نزلت في المرحلة المكية، حيث لم يكن للنبي قوة يستند إليها، ولكنه عندما حاز عليها في مرحلة المدنية، أُذن للمسلمين بأن يدعو للإسلام بالقوة.
مستنداً إلى تلك التناقضات النقلية، يقوم الباحث بمناقشتها في نهاية المقطع الأول، بحجج نقلية وعقلية، ومن أهم الحجج النقلية أن بعض آيات الحوار نزلت بعد آيات الأمر بالقتال. كمثل آية )لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَي( (البقرة: من الآية256) وهي آية مدنية. وكذلك آية ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [ (المائدة: من الآية105). وهي آية مدنية أيضاً.
واعتبر أن مسألة نبذ الإكراه، أي حرية اختيار الدين، كما جاء في آية (لا إكراه في الدين)، تعبِّر عن قيمة إنسانية مطلقة. ولكن إذا اضطر المشترع لاستخدام القوة، فإنما يكون لحماية حرية اعتقاد من يعتقد به، وليس لإكراه من لا يعتقد به لتغيير معتقداته الخاصة. ولذلك لن تصبح الحالة الخاصة قاعدة ناسخة، والمفهوم القيمي شاذّاً منسوخاً .
يخصص الباحث المقطع الثاني تحت عنوان (الدعوة للإسلام بالقتال) للبحث وتوثيق غزوات الرسول في السنوات التسع التي سبقت غزوة مكة. التي بها استكمل الرسول إخضاع الجزيرة العربية تحت لواء الدعوة الإسلامية. وهدف الباحث من ذلك، لعلَّه يجد فيها أصولاً للدعوة إلى الإسلام بالقتال. فوجد أن هناك ظروفاً شتى ساعدت على التأسيس لها، ومن أهمها أن دعوته بالحوار وجدت صداً لها خاصة من قريش التي آذته، وآذت أنصاره، فهاجر إلى المدينة حينما استجاب له أنصار من أهلها. ويستشهد الباحث بتحليل لطه حسين، يقول فيه: (إن الهجرة إلى المدينة جعل النزاع بين النبي وقريش يرتفع من مستوى النزاع الديني إلى مستوى النزاع السياسي والاقتصادي والديني، أي على السياسة في الحجاز، والطرق التجارية بين مكة وبين البلاد التي كانت ترحل قريش إليها بتجارتها في الشتاء والصيف). وهذا يعني أن نص الدعوة للقتال لم تكن لأسباب دينية، بل تحولت إلى أسباب سياسية واقتصادية، وهما عاملان ضروريان لكل من المسلمين وغيرهم.
ويستطرد الباحث في تأصيل غلبة استخدام عامل القوة في الدعوة إلى الإسلام، فيقول: (وإذا أضفنا عامل المتاعب الاقتصادية التي عانى منها المهاجرون، الذين شكَّلوا عبئاً اقتصادياً على الأنصار أيضاً؛ ولأن قبائل الجزيرة العربية كانت تستند إلى أسلوب الغزو كمصدر أساسي في كسب معيشتها، تتضح ساعتئذ، أهمية استخدام أسلوب القوة والقتال الذي أخذ الرسول يُعِدُّ نفسه لها، ويُعِدُّ المسلمين للقيام بأعبائها). فكانت أول آية نزلت بالإذن له بالحرب، بعد سنة على مقدمه إلى المدينة: )أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ // الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ( (الحج: 39: ومن الآية40). وهذا هو السبب الذي أغرى الفقهاء المسلمون بالإجماع على أن آيات القتال نسخت آيات الحوار.
ولفت الباحث في نهاية المقطع بالإشارة إلى حجّـة الـوداع: التي جاء فيها: «إني قد بلّغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً، أمراً بيّناً، كتاب الله وسنّة نبيّه … تعلمنَّ أن كل مسلم أخ للمسلم، وإن المسلمين أخوة…». والأمر البالغ الأهمية هو أن بعض الروايات، تستبدل نص «… سنّة نبيه…»، بنص آخر وهو «… وأهل بيتي …».
ولأن هذا النص سيلعب دوراً بالغ السلبية لاحقاً على وحدة الجماعة الإسلامية، وهو محور أساسي من محاور الصراعات المذهبية، فقد أجَّل الباحث معالجته إلى الفصول التالية.
وأما عن إشكالية الدعوة للإسلام بالحوار أو القتال، فهذا ما ناقشه الباحث في المقطع الثالث، وعمل على نقضه بالقواعد العقلية. واعتبر أن: (القتال متغيّر مرحلي في الدعوة إلى الإسلام).
ولأنه بحث إشكالية الحوار في المقطع الأول، خصص الباحث إشكالية القتال في هذا المقطع. وفيه عرض آراء الفقهاء من شتى التيارات الإسلامية. ووثَّق الآيات القرآنية التي تحض على القتال، وحصرها بأربعة أسباب: للدفاع عن الإسلام وقتال الظالمين. وقتال أهل البغي. وللدفاع عن النفس. و قتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية.
وحول هذا الجانب، فقد أجاز وسيلة القتال بعض من فقهاء المذاهب، بشرط أن يأمر به معصوم حتى لا يخرج عن الهدف منه. وحصره البعض منهم بأمرين لا ثالث لهما: إما السيف وإما الإسلام.
وناقش الباحث بأدلة عقلية تلك الإشكالية: (من الموضوعية أن يكون استخدام القتال والقوة مشروطاً. كأن يكون هذا الاستخدام ضد من يعمل على منع تطبيق القيم الأخلاقية والاجتماعية المطلقة؛ أو لمنع الإكراه لأنه من القيم المطلقة التي لها علاقة بمفهوم الحرية). ولأن (القوة والقتال هما أسلوبان لحماية المثل العليا، فالأحرى بهما أن يتوجّها إلى حماية حرية المعتقد،). ولذلك، يخلص الباحث إلى النتيجة التالية: (إن منع الإكراه في الدين هو أصل قيمي ثابت، ديني وأخلاقي واجتماعي؛ بينما استخدام القوة لنشر الدعوة الإسلامية هو فرع مرحلي متغيّر؛ فلا يمكن -والحال كذلك- أن ينسخ الفرع المرحلي المتغيّرَ الأصل القيمي الثابت).
وفي المقطع الرابع، يؤصِّل الباحث لمعاني الردة، والذي جاء تحت عنوان (الـردّة سيف مسلّط على رقاب المسلمين). وقال: إن الآية )ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر …)، كانت الآية الأولى التي نزلت حول الردّة، وكان سبب نزولها واضحاً في الزمان والمكان والظرف المحيط بها، ومحدودية الهدف منها. وهي تعود إلى ملابسات سرية عبد الله بن جحش في السنة الثانية للهجرة.
ينقل الباحث موجز وقائع الرواية: خالف عبد الله بن جحش الاتفاق الذي وافق عليه الرسول مع قبائل مكة، بتحريم القتال في الأشهر الحرم. وهاجم قافلة لتجار من قريش وغنم ما فيها. فاتهمه الرسول، وقال: (ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام). وكادت تقع فتنة بين المسلمين لأن أصحاب السرية، قالوا: (ما نبرح حتى تنزل توبتنا). ودرءًا للفتنة نزلت آية: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير…). وكذلك نزول آيات تتناول أحكام الردة، وذلك تحذيراً من أي فتنة تحصل بين المسلمين. وكانت بدايتها آية )وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ(.
وتوقَّف الباحث عند مختلف التأويلات والتفسيرات التي دارت من حولها، آخذاً بعين الاهتمام شواهد من معظم الاتجاهات، على صعيد الفرق والمذاهب والعصور. ويتوِّج المقطع باستنتاجاته.
ومن بعدها نقل الباحث بإسهاب مفهوم الردة لغوياً وفقهياً، ونقل آراء مختلف المدارس الفقهية في أحكامها. تلك الأحكام التي قضت بقتل المرتد، وجاء فيه: (لم تكن عقوبة القتل للمرتد عن الإسلامّ محل خلاف بين الفقهاء المسلمين، وإنما ذهبوا في الشروط التي تجيز القتل مذاهب شتّى… أما عقوبة الرِدَّة فتطبّق على المسلمين من دون غيرهم من أصحاب الأديان الأخرى). ويخلص إلى نتيجة أن موضوع الردة هي الإشكالية التي رافقت التاريخ الإسلامي، والتي شكَّلت سبباً استندت إليه الفرق والمذاهب الإسلامية في صراعاتها التي تواصلت حتى الآن.
وزاد طين المؤسسات الفقهية بلَّة، ليس فقط إشكالية مبدأ الردة فحسب، بل تلك الأحاديث التي نُسبت للرسول، ولعلَّ من أهمها: حديث الفرقـة الناجيـة من النار. لينهي الباحث هذا المقطع، بالتساؤل: ما هي تأثيراتها على مستقبل الإسلام بعد وفاة الرسول ؟
فيرى أن معاقبة المرتد عن الإسلام كانت من الغايات الأساسية للمحافظة على وحدة الجماعة الإسلامية. أما حديث افتراق الأمة الإسلامية، فهو دليل على أنه مكتوب على الإسلام أن يتفرّق ولا يتوحّد، وهو يتناقض مع مبدأ الردة، الذي من غايات تطبيقه الرئيسة المحافظة على وحدة الإسلام. لذا سوف نرى أن هذا الحديث سوف يؤسس لتنافس حاد بين المسلمين، فتكثر الفـرق والملل، وسوف تعمل كل واحدة منها على إبراز جوانب إيمانها من جهة، ونقد الفرق الأخرى وتبيان بدعها وضلالاتها بقصد تكفيرها من جهة أخرى. وسيكون هذا موضوع فصل كامل من هذا الكتاب.
ويختم الباحث الفصل الأول، بأن قتل المرتد أو أية عقوبة أخرى، لم يكن سببها دينياً، لأن المبدأ القرآني ثابت يتلخَّص بآية لا إكراه في الدين، بل كان سببها أمنياً فُرض في وقت كان لا يزال فيه الإسلام طري العود. وكان الارتداد عن الإسلام، يعني اختراقاً لأمن الدولة الفتية. وهو ما يشبه حالة الطوارئ التي تعلنها الدول الحديثة في هذا العصر. ويتم إلغاؤها عندما تنتهي الحالة الأمنية الاستثنائية التي فرضتها.
مرسلة بواسطة مدونة العروبة في الاثنين, مايو 25, 2020
التسميات: عرض كتاب الردة في الإسلام
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twitterالمشاركة في Facebookالمشاركة على Pinterest
ردود الأفعال:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
روابط هذه الرسالة
==========================================================================
الحلقة الثانية من كتاب الردة في الإسلام (2/ 6)
عرض كتاب (الردة في الإسلام)
الحلقة الثانية (2/ 6)
الفصل الثاني:
مرحلـة التأسيس لتكفير الجماعـة
وفي الفصل الثاني، تحت عنوان (مرحلـة التأسيس لتكفير الجماعـة)، واستناداً إلى رواية خطبة الوداع، التي اختلف ناقلوها حول نصها: نقل الباحث روايتين مختلفتين، وهذا نص كل منهما:
-الرواية الأولى: «إني قد بلّغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً، أمراً بيّناً، كتاب الله وسنّة نبيّه …».
-الرواية الثانية: لم يرد فيها (…سُنَّة نبيه…)، بل ورد نص (… وأهل بيتي…).
يُمهِّد الباحث للفصل بالقول: بعد وفاة الرسول ولما ابتدأ عصر الخلافة الراشدة، كان يُعَدُّ العهد الذي أسَّسَ لأكثر الإشكاليات التي رافقت تاريخ الإسلام حتى يومنا هذا. علماً أنه في حياته كان يجد من يعارضه من أصحابه حول الكثير من الأمور. واستمرَّ الأمر بعد وفاته.
وكانت بداية الإشكاليات في تعيين خليفة له. ولعب نص خطبة الوداع وتطبيقه دوراً كبيراً، بالإضافة إلى الخلاف حول من له الحق بها من الأنصار والمهاجرين. وما زاد طين الخلاف بِلَّة، طلب الرسول، وهو على فراش الموت، قلماً وورقة، قائلاً: (هلِمُّوا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً). رفض البعض من أصحابه، وقبل البعض الآخر، وهي الرواية التي فسرها أنصار علي بن أبي طالب بأن الكتاب كان سينص على خلافة أهل بيته.
خصص الباحث هذه المسألة في المقطع الأول من الفصل، وسرد بإسهاب كل الروايات ذات العلاقة بالخلاف، فوجد بينها التباينات العميقة التي لم يستطع التاريخ الطويل أن يردمها، لا بل كانت تزداد عمقاً ومسافة الأمر الذي يعبر عنه عنوان الفصل. الذي ابتدأ في حياة الرسول بتكفير الفرد إلى تكفير الجماعة. وبها لم تستطع العقيدة الدينية أن توحِّد المسلمين طوال التاريخ حتى الآن.
ويتابع الباحث بوصف مرحلة الخلافة الراشدة بأنها أسست لكثير من الفتن. وعن ذلك، يقول الباحث، إن المسلمين واجهوا بعد وفاة الرسول محنتين كانتا في غاية الجِدَّة؛ وكانت لهما تأثيرات بالغة الأهمية في تاريخ الدعوة الإسلامية، وهما: الخلافة ومسألة الردة العامة.
وبعد أن يستعرض بإسهاب مواقف كل المذاهب، ينتقل الباحث إلى المقطع الثاني الذي جاء تحت عنوان: (الخلافـة الـراشدة: مرحلة التأسيس لشقوق عاموديـة في داخل الدعوة الإسلامية). واستلَّ في المقطع الثاني من الفصل نصوصاً تاريخية تضفي الأوصاف السلبية على مرحلة الخلافة الراشدة، والتي تؤكد ما ذهب إليه. ونقل ما قيل في عهد كل خليفة من الخلفاء الراشدين الأربعة، وهذا ما جاء حول كل منها:
يمهِّد الباحث للمقطع الثاني، بأنه إذا استلَّ من تاريخ الخلفاء الراشدين الجوانب السلبية، فهذا لا يعني إغفالاً للجوانب المضيئة.
1-خلافة أبي بكر الصدِّيق (11-13هـ=632-634م) (البيعة الفلتـة): وهي فلتة تمت في ظل الخلاف بين المهاجرين والأنصار. وبين الأنصار أنفسهم. والمهاجرين أنفسهم. وكاد الخلاف أن يتحوَّل دموياً. وعنها قال عمر بن الخطاب: «لا يغرَّنَّ امرءًا أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة [من دون تدَّبُر وتمهُّل]؛ فقد كانت كذلك، غير أن الله وقى شرَّها».
فكانت النتائج الأولية أن انقسم المسلمون إلى ثلاث فرق: الأنصار والمهاجرون وبنو هاشم.
وواجهت الخليفة أبو بكر أربع مشاكل حادة، وهي: الردة العامة للقبائل العربية، وبعثة أسامة بن زيد، وإشكالية ميراث الأنبياء: بين أبي بكر وفاطمة، وبينه وبين عم الرسول وزوجاته. وإشكاليـة ما حصل بين خالد بن الوليد ومالك بن نويرة.
وأما الأولى فقد أنهاها بالسيف. وأما الثانية فقد أنفذها على الرغم من معارضة أكثر صحابته. وأما الثالثة، وموضوعها مطالبة فاطمة بنت الرسول بميراث أبيها. فإنها لم تجد حلاً، ولذلك اعتبر الباحث أنها أسست لانقسام عامودي في الدعوة الإسلامية، ولعلَّ أهم مظاهرها المستمرة حتى الآن، الخلاف بين السنة والشيعة. وقد نقل الباحث تفاصيل تاريخية موثَّقة حول المشكلات الأربع.
2-خلافـة عمـر بن الخطَّـاب ( 13 -23 هـ = 634 – 644م): (الاستخلاف خوفـاً من الفتنة). وهذا ما قاله أبو بكر عندما استخلف عمر، خوفاً من تكرار الخلاف بين المسلمين بعد وفاة الرسول. وبعد نقله صورة المشهد التاريخي في ظل استخلاف عمر بن الخطاب، ينهي الباحث ذلك بقول لإبي بكر («اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة».
وعالج الباحث أربع مسائل حصلت في عهد عمر، وهي: عهد التوَّسُع بالفتاوى الجديدة، والتوسع بالفتوحات الإسلامية، وجزاءاتها الاقتصادية، وإشكاليـة اغتيالـه.
أفرد الباحث موقعاً متميزاً لعمر بن الخطاب، من حيث الجرأة على الاجتهاد والتجديد في النص الإسلامي. ولأهميته ننقل تقييمه له حرفياً: (اشتهر عمربجرأته على التعارض مع الرسول ببعض المواقـف من جهة؛ وعلى توافقه مع النص القرآني والرسول من جهة أخرى. ربما تكون هذه السابقة قد أكسبته حصانة نفسية بالتعاطي، مع النص الكتابي والسُّنِّي، بأقل ما يمكن من الخشية النفسية، وحرَّرته من عقدة الخوف والرهبة؛ فميَّزته عن غيره من الصحابة، الذين تعاطوا مع النص بخشية وتحفُّظ. واستكمالا لبنائه النفسي – الاجتماعي المتميِّز، تابع عمر سلوكه السابق في التعاطي مع الشأن العام، من بعد أن أصبح وليِّا لأمر المسلمين، صاحب السلطة السياسية والدينية في الدولة الإسلامية). ومن أهم الفتاوى الجريئة التي سجَّلها الباحث، ووثَّقها بنوع من التفصيل، ما يلي:
– كان أول عمل قام به عمر أنه ردَّ سبايا أهل الردة إلى عشائرهم، وقال: إني كرهت أن يصير السبي سُـنَّة على العرب.
– قام بعزل خالد بن الوليد عن إمرة الجيش في الشام، وكان عمر سيِّءَ الرأي في خالد. وهذا ما لم يفعله الرسول، أو أبو بكر الصديق.
– سنَّ عمر قيام شهر رمضان، وكتب بذلك إلى البلدان.
– ولعمر بن الخطاب أوليَّات (أي كان هو أول من سنَّها) مثل: أنه أول من تسمَّى بأمير المؤمنين- وأول من كتب التاريخ بالهجرة- وأول من نهى عن بيع أمهات الأولاد- وأول من حرَّم المتعة…
-الـثاني: التوسُّع في الفتوحات، والثورة في الثروة: وعن هذا ثبَّت الباحث لخلافة عمر أنه وضع تشريعات تتناسب مع المتغيرات الجديدة، عدَّها البعض أنها مخالفة للنصوص الدينية. وقد وثَّق الباحث للتشريعات الجديدة بشيء من التفصيل.
– الثالـث: إشكاليـة اغتيـال عمر بن الخطـاب: يروي ابن عبد ربه: إن من قتل عمر بن الخطاب هو غلام نصراني يدعى أبو لؤلؤة، بسبب ثقل الخراج المفروض عليه. ولكن اختلفت الروايات حول أسباب حادثة الاغتيال، قام الباحث بتوثيقها.
3 – خلافـة عثمان بن عفَّـان (23-35هـ =644-657م ): (الشـورى ونخبـة النخبـة):
اختير من بين ستة أسماء. ويُروى أن المشاكل ابتدأت في أواخر عهد عمر بن الخطاب، وبموته ضعُفَ التوجيه والرقابة، فظهرت الآثام وانتشرت الشرور بين بعض الناس؛ واستفحلت في خلافة عثمان بن عفان، ولذلك امتاز عهده بكثرة الإشكاليات والتأسيس لنشأة المعارضة المسلحة في وجه السلطة: وأخذ عثمان «يعمل أشياء لم يعملها سابقوه؛ أشياء رآها بعض المسلمين أخطاء، ورآها عثمان صواباً أو ضرورة، وكانت هذه الأعمال هي الشرارة الـتي انطلقت منها الفتنة العارمة». والتي أدت إلى قتله. وعلى وفق منهجه التوثيقي قام الباحث بنقل كل الآراء التي دافعت عنه، والآراء التي نقدت عهد خلافته. وذلك قبل أن يدلي برأيه. وعن ذلك يقول:
لو كان عثمان هو الباغي، وهذا الأرجح، استناداً إلى أنه لم يجد من الصحابة أحداً من كان يُقِرُّه على أعماله، ومنهم عائشة، وعبد الرحمن بن عوف، وعلي بن أبي طالب. فقد عَنَّفَه الجميع، ودعوه إلى تصحيح أخطائه؛ بينما كان من الواجب عليهم، تطبيقاً للنص القرآني، أن يقفوا إلى جانب المعارضة للضغط عليه وإلزامه بأن يفيء إلى أمر الله، وإجباره على نزع نفسه من الخلافة، أو أن ينتزعوها منه. لكن مواقفهم، بدلاً من ذلك، انقسمت بين حامل لقميصه، وبين من يسعى للتبرؤ من دمه.
4-خلافـة علي بن أبي طالب (35-40هـ = 656-661م): (بيعـة الهروب من الفتـنة إلى الفتن):
كثرت الفتن بين المسلمين بعد اختياره خليفة، يعبر عنها الباحث بالعنوان: انتشار الفتن، واشتداد المعارضة المسلحة: وسببها أنه لما قُتِلَ عثمان، وبُويِعَ لعلي، ذرَّت الفتنة قرونها، وتجمعت المعارضة ضد علي في سرعة النار في الهشيم، واتجهت في اتجاهين رئيسين:
– الأول: تَجمُّع المعارضة في مكة بقيادة عائشة، ثم انتقل التجمع إلى البصرة؛ ومن هناك انطلقت حرب الجمل.
-الثاني: تَجمُّع آخر للمعارضة في الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان، ومنها انطلقت حرب صفِّين.
وأما عن الأولى، فقد انتشرت للمطالبة بدم الخليفة عثمان بن عفان. ومعظمهم من الذين حرَّضوا عليه، ولم تنفع كل أنواع المفاوضات في تقريب وجهات النظر، حيث نقل الباحث وقائعها من مختلف الاتجاهات. وانتهت بهزيمة المعارضة. وكانت نتائجها كارثية على المسلمين، إذ بلغ عدد القتلى من الطرفين ما بين العشرة آلاف والخمسة عشر ألفاً.
-الفتنة الثانية: إشكالية حرب صفِّين بين علي ومعاوية (37هـ=658م):
وفي مقابل جبهة البصرة كانت قد سبقها فتح جبهة الشام، وفيها وضع معاوية قميص عثمان على المنبـر ليراها الناس… وندبهم للأخذ بالثأر له. فتوجَّه علي إلى الشام ورفض معاوية أمر علي بالاعتزال عن ولاية الشام، ودارت حرب صفين لم يستطع أحد منهما أن ينتصر فيها. ولكنهما اتفقا على مسألة التحكيم المشهورة، التي انتصر فيها الخبث السياسي، عندما خلع الأشعري صاحبه، بينما ثبَّت ابن العاص صاحبه. علماً أن عدد ضحايا حرب صفين بلغ خمسة وسبعين ألفاً من الفريقين، فكانت من نائجه أيضاً انقلاب بعض أصحاب عليِّ عليه. وبرزت فرقة الخوارج من صفوف أنصار علي لأنهم حمَّلوه خطأ (التحكيم). وهذا ما كان السبب في فتنة ثالثة.
-الفتنـة الثالثـة :إشكالية حرب النهروان بين علي والخوارج:
ولما فشِلَ الحوار بين علي والخوارج، التحمت الحرب بينه وبين الفئة التي أصرَّت على الخروج عليه. قُتِل جميع الخوارج في وقعة النهروان (39هـ=660م). وهذا السبب الذي أدى إلى اغتيال علي بن أبي طالب، على أيدي ابن ملجم، أحد فرقة الخوارج.
د – قـراءة حول انتشار الفتن المسلَّحـة.
وإذ يستعرض الباحث آراء مختلف مذاهب الفقهاء، وعلى العكس من مواقف الفقهاء الشيعة، لخَّص تلك المواقف، بما جاء في نص عبد الرحمن النجدي عن الحروب بين الصحابة قائلاً: «وأما الحروب التي وقعت بين الصحابة، فالصواب فيها قول أهل السُنَّة والجماعة وهو السكوت عما شجر بينهم، والترضِّي عنهم، وموالاتهم، ومحبتهم كلهم رضوان الله عليهم أجمعين. ».
ويعلن الباحث رأيه متسائلاً: هل تساءل الفقهاء المسلمون عن حقوق الضحايا؟ كأن يُقال: هل ماتوا بحق أم أنهم كانوا من المظلومين؟ وهل يحصلون على حقوقهم إذا قيل إن فلاناً قد اجتهد بالحرب فأخطأ؟ هنا يصبح الطريف بالأمر أن المسؤول، عوضاً عن أن ينال جزاءه العادل، يُعطى أجراً واحداً، أي نصف أجر المجتهد المصيب، وهو رابح دائماً، سواءٌ أكان الأجر كاملاً، أم نصف أجر.
ثانـياً: الخـلافـة الراشدة :القضايا – التقاطعات .
يرى الباحث أنه على الرغم من تظهير عهد الخلفاء الراشدين بأنه العهد الأمثل في تاريخ الإسلام أن ما قمنا باستقرائه يدلنا على أنها كانت من أشد المعضلات حِدَّةً في تاريخ الدعوة الإسلامية. ولأن القرآن والسنة لم يأتيا بنص صريح واضح ومحكم، من أجل الاستناد إليه في تنظيم هذه المسألة، تحولت إلى إشكالية شائكة. وسوف تستمر هذه الإشكاليات طالما بقيت مسألة الخلافة مطروحة كحل أساس لأي نظام سياسي إسلامي.
لقد دلَّ استقراء الوقائع التاريخية على أن النص الإسلامي افتقر إلى وجود أسس تنظّم مسألة الخلافة؛ لهذا السبب بقيت هذه المسألة عرضة لشتى الاجتهادات والتقديرات الفئوية، مما دفع بالتأويلات المذهبية، فيما بعد، إلى أن تصوغ نصوصها المنظمة لمسألة الخلافة؛ وبهذا أخذ الأمر يبدو وكأن كل نص مذهبي حول الخلافة وكأنه نص مقدَّس. وباتت، بعدها، كل فرقة من الفرق الإسلامية تكيل التهم لغيرها من الفرق، فتبدِّعُها أو تفسِّقها أو تضلِّلُها تحت حجة مخالفتها لنصوص الكتاب والسنة النبوية.
وبعد أن يستعرض النصوص التي تعبِّر عن رأي أهل السُنَـّة، والنصوص التي تُعبِّر عن رأي الشيعة. يختم الباحث الفصل الثاني، بالقول: نحن ندري أننا لن نعيد التاريخ لنحاكمه في سبيل أن نحكم لهذا أو لذاك بالحق والإصابة، أو أن نحكم على الآخر بالباطل والخطأ… فنحن ندري، أيضاً، أن ذلك لن يجدي نفعاً إلا بالقدر الذي يسهل فيه الحوار في سبيل ردم ثغرات التاريخ الغابر بما يدفعنا للاستفادة منه في عصرنا الحاضر. وذلك بعد أن سقطت الضحايا بالملايين على مذبح الصراع في سبيل إثبات صحة مواقف هذا أو ذاك من صحابة الرسول أو من مواقف التابعين أو تابعي التابعين، والكل يمتشق -في دائرة الصراع- سلاح النص، فيجد كل طرف ما يؤيد اعتقاداته. ولم ينتج الصراع إلا مزيداً من النصوص، ومزيداً من الدماء والأحقاد والضغائن. وهذا ما سوف يستعرضه الباحث في الفصلين الثالث والرابع.
مرسلة بواسطة مدونة العروبة في الخميس, مايو 28, 2020
التسميات: عرض كتاب الردة في الإسلام
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twitterالمشاركة في Facebookالمشاركة على Pinterest
ردود الأفعال:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
روابط هذه الرسالة
===========================================================================
عرض كتاب الردة في الإسلام الحلقة االثالثة (3/ 6)
عرض كتاب (الردة في الإسلام)
الحلقة الثالثة (3/ 6)
الفصــل الثـالث:
إفـتراق الأمـة سيـاسياً
يُمهِّد الباحث للفصل الثالث بـ(مقدمات تاريخية وسياسية للعصرين الأموي والعباسي)، يقول فيها: لم تكن مبايعة معاوية نهاية لنشاط حركة المعارضة ضد العهد الأموي، لأن تراكمات المرحلة السابقة قد ولَّدت طوائف متعارضة متناحرة فيما بينها، وتجمعها روح العداء للأمويين من جهة؛ وتفترق عن بعضها لأسباب عقيدية وسياسية من جهة أخرى. فطُبِعَ الربع الأول من العهد الأموي بطابع الصراعات-الفتنة، وعمَّت هذه الصراعات مختلف القوى المعارِضة للأمويين: تارة بين بعضها البعض، وتارة أخرى بينها وبين الأمويين.
سالت، في هذه الصراعات، الدماء الغزيرة، وأُزهِقَت أرواح عشرات الألوف من المسلمين؛ ولم يسجل العهد الأموي انتصاراً حاسماً على أطراف المعارضة. وأما الأطراف التي كانت موالية لعلي خاصة وبني هاشم عامة، فاستمرت بالعمل السري، وقد نجحت بالفعل في عملها.
فمنذ العهد الأموي، والعباسي، تحوَّلت الشورى/ البيعة/ الاستخلاف/ شورى نخبة النخبة/ بيعة الأمر الواقع، إلى مُلكٍ عضوض يتوارثه الأبناء عن الآباء بطريقة ما يُسمَّى بالعهد. ولم يكن من سلاح-لدى السلطة والمعارضة- أمضى من سلاح النص الديني. حيث عكفت شتى التيارات على النص لتستفيد منه في معاركها، ولما لم يكن النص شافياً في أمور كثيرة، أكثرت التيارات من انتحال النصوص تارة، وكانت تارة أخرى تؤولها وتفسرها، آخذة مصالحها وأهواءها مقياساً للانتحال والتأويل والتفسير. وهذا ما كان يؤدي إلى استمرار الصراع وتعميقه.
وفي المقابل أدَّت الحرب السياسية – الدينية، وبالتالي حركة الفتوحات الإسلامية الواسعة، خدمات جُلَّى للحركة العلمية في تلك المرحلة، فبلغت أوجها في العصر العباسي، لأن خزائن الحضارات الأخرى انفتحت أمام الحاجة العقلية والفكرية للنخب الإسلامية من عرب وغيرهم، ومن هنا استفادت حركة الصراع الديني – السياسي من نتاج هذا الانفتاح، وشملت الاستفادة المعارضة والسلطة على حد سواء.
وفي ظل الانفتاح على الفكر الآخر اندفع العقل العربي-الإسلامي، في إنتاج عقولٍ عربية – إسلامية منفتحة، التي بدورها أخذت تتطلَّع إلى النص الديني بانفتاح وحرية وواقعية. وفي ظلها انطلقت حركة العقل المتكون الناشئ من دوائر الشك بحثاً عن اليقين لكن على قاعدة التوفيق بين العقل والنقل، بشكل متواز ومتوافق مع النص، أحياناً؛ ومفترق عنه أحياناً أخرى. وهنا انفتحت آفاق صراع جديدة بين العقل والنقل، بين الفلسفة والدين؛ إلا أن العقل لم يستطع الصمود طويلاً، خاصة وأن أصحاب النقل رموا -بحماية من السلطة السياسية- بكل ثقلهم في الصراع من جهة، ولأن الأمة أُصيبت بالتفتت والضعف السياسيين من جهة أخرى؛ فتغيَّرت اتجاهات السلطة إلى مناحٍ أخرى… فماتت هي وتقهقر معها دور العقل.
وبعد هذا التمهيد، الذي يختصر ما رمى إليه الباحث في الفصل الثاني، يقدم عرضاً توثيقياً لكل من المرحلتين الأموية والعباسية.
ففي المقطع الأول استعرض الباحث تاريخ العصـر الأمـوي: (41-132هـ=661-750)، وأشار إلى أن تلك الصراعات كانت متشابكة بين معظم أطرافها، إذ اختلط الصراع الأموي-الشيعي، بالصراع الشيعي – الزبيري، بالأموي -الخوارجي، بالخوارجي – الشيعي، بالخوارجي – الزبيري. وقد عبَّرت رواية نقلها الباحث أصدق تعبير عن واقع الحال في تلك المرحلة، إذ قال بعضهم بعد أن وصل رأس مصعب بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان بن الحكم، الخليفة الأموي: «لقد رأيت في هذا الموضع عجباً! رأيت رأس الحسين [شيعي] بين يدي عبيد الله بن زياد [أموي]. ورأيت رأس عبيد الله بن زياد بين يدي المختار [شيعي]. ورأيت رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير [زبيري]. ورأيت رأس مصعب بين يديك». وعلى الرغم من ذلك، فقد وثَّق الباحث، أنواع الصراعات، بالتالي:
(الصراع-الفتنـة الأموي-الشيعي) و( الصـراع – الفتنـة الزبيري – الشيعي)، و(الصـراع – الفتنـة الزبيري-الخوارجي)، و(الصـراع-الفتنة الأموي-الزبيري)، و(الصراع-الفتنـة الخوارجي-الأمـوي).
وفي مقطع تحت عنوان (المتغيِّرات على الصعيد السياسي-الدينـي) نقل الباحث ما قاله طه حسين عنه: «فقد أرادت الظروف ألا يستطيع العرب منذ ظهر الإسلام أن يخلصوا من هذين المؤثرين [الدين والسياسة] في لحظة من لحظات حياتهم في القرنين الأول والثاني».
وإلى جانب الصراعات السياسية شهدت المرحلة (تأسيس فكر ديني إسلامي يُدعِّم التطلعات السياسية. ونشأت إلى جانب ذلك فرق تستند إلى النص الديني في مواكبتها لتطور الصراعات – الفتن؛ لكنها لم تكن فريقاً مقاتلاً، وهي:
-فرقـة القدريـة: التي تستند إلى مبدأ حرية الاختيار. كما أنها تتضمن بعداً سياسياً يطال حكم الأمويين. وفيها دعوة إلى الثورة عليهم واقتلاع ظلمهم.
-فرقة الجبرية: التي تقول إن الإنسان مجبور على أعماله، فهو لا قدرة له ولا اختيار. وإنما يخلق الله أفعاله. فكانت أفكار الجبرية سلاحاً دينياً في يد الأمويين للدفاع عن مواقعهم السياسية. فإنما الخلافة التي وصلت إليهم كانت أمراً من الله لا يد لهم فيه.
-فرقـة المعتزلـة: قالت بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، مخالفة بذلك رأي الخوارج الذين قالوا إنه كافر. وحكم المرجئة بأنه مؤمن، إذ جعلوا الإيمان مجرد الاعتقاد الداخلي، وليس الإقرار باللسان أو الأعمال جزء من الإيمان. والمنزلة بين المنزلتين -حسب المعتزلة- أي في مرتبة وسط بين المؤمن والكافر؛ فليس هو، إذاً، بالمؤمن ولا بالكافر.
وفي المقطع الثاني يستعرض الباحث ما حصل من أحداث في العصـر العبــاسي (132-656هـ=750-1258م). الذي ابتدأ بـ(الصـراع الأمـوي-الأمـوي)، وإسقاطه بواسطة (تحالف المعارضة العباسي-الشيعي)، وصولاً إلى تسجيل (كيف اختُتِمَ العصر الأموي، وابتدأ العصر العباسي). وفيه يسجٍّل بالتفصيل (الصراعـات-الفتن في العصر العباسي)، وقد عبَّر عنها بالقول: (تتابعت أحداث الصراعات في الدولة العباسية، منذ نشأتها حتى زوالها. وكانت هذه الأحداث، كمثيلاتها في العصرين الراشدي والأموي، دموية؛ إذ كانت تسقط فيها الضحايا بالمئات، وأحياناً بالآلاف، وأحياناً أخرى بعشرات الآلاف).
ويشير إلى صعوبات البحث في تلك المرحلة قائلاً: إن المتتبع لتلك الأحداث، خاصة على صعيد إنجاز بحث محدود في حجم كتاب، على قاعدة المنهج المعرفي الاجتماعى، الذي يستند إلى وصف الحدث وتحليله في سياقه التاريخي، سوف يُرهَق من تجميع تلك الأحداث، لشدَّة تزاحمها وكثرتها. ويكفي أن نعرف أن العهد العباسي امتدَّ إلى مئات من السنين؛ حيث إن الأحداث الدامية قد غطَّت تلك السنين كافة. وفي سبيل إنجاز هذا العمل، قمنا بجهد لم نكن نشعر به في بحثنا في العصور السابقة، بينما كان يميز أحداث العصر العباسي، اتساع الرقعة الجغرافية للدولة الإسلامية (من الصين شرقاً، حتى جنوب فرنسا غرباً) من جهة، واتساع الأحداث، وكثرتها، وتعددها من جهة ثانية. وتنوع أسباب الأحداث: من دينية فرقية، إلى سياسية، إلى طبقية، فعرقية… وكانت كلها تستند إلى النص الديني. وإذا ما استثنينا الصراعات التي كانت تحصل على ثغور الدولة الإسلامية -بين المسلمين وبين الدول المحيطة- وهي ليست من اهتمامات بحثنا، يبقى حجم الصراع كبيراً جداً، وأكثر من ملفت للنظر كونه كان يحصل بين أبناء الدولة الواحدة ذات الدين الواحد.
ولكي يتجاوز تلك المصاعب، أوضح الباحث أنه اعتمد منهجية للبحث -حول أحداث العصر- تقوم على أسلوب تكثيف الحدث التاريخي من دون تجريده من المعطيات التي تُحدِث أثراً في إحساس القارئ ووجدانه من جهة، والابتعاد عن أسلوب الكتاب المدرسي، الذي يُجرِّد الأحداث التاريخية من لباسها الحسي الإنساني من جهة ثانية؛ والابتعاد عن أسلوب السرد القصصي التاريخي، الذي يُغرِق في التفصيلات المثيرة من جهة ثالثة. وبهذا المنهج استعرض الباحث، في هذا المقطع تاريخ (الصراعات-الفتن العباسية-العباسية)، و(الصراع-الفتنة بين الخلفاء وبين أعمدة سلطتهم).
ولكي لا نغرق القارئ بتفصيلات يقول عنها الباحث أنه (إذا ما قمنا بفتح كتب التراث لشعرنا بأنفاسنا تنقطع ونحن ننتظر السنة التي لا نقرأ فيها عن حدوث فتنة أو أكثر، فتنة تذهب ضحاياها بالآلاف؛ فتنقطع الأنفاس ولا تجد محطة تستريح فيها من متابعة أخبار الفتن والقتل والسبي وقطع الأيدي والأرجل والرؤوس. فلا يهنأ بال خليفة أو وزير أو عامل على مصر من الأمصار إذا لم يتوَّج انتصاراته بالرؤوس المقطوعة، والأرجل المبتورة، والبطون المبقورة…
اقتتل الأخ مع أخيه، والعم مع ابن الأخ، وابن العم مع ابن العم…
اقتتل الخليفة مع وزرائه، وتآمر الوزراء على الوزراء…
اقتتل الخليفة مع عماله على الأمصار، واقتتل العمال مع العمال…
اقتتل الخليفة مع الثائرين على ظلمه، واقتتل الثوار مع الثوار…
نهب الخليفة جميع الموارد، ووزعها على قصوره وأهله وحاشيته…
ونهب الوزراء -الواسطة بين الناهب والمنهوب- وأُتخموا…
نهب العمال على الأمصار -أداة القمع المباشر- وتربعوا على عروش من الجماجم المجبولة بالدم والعرق…
كان الشعب يستجيب لأية دعوة تظهر في الأفق، لأنه كان يحسب أن الخلاص فيها، ولكن…
كان سيف الخليفة هم جنوده، لأن الأرزاق كانت بين يديه ينعم عليهم منها. جنود كانوا من العرب في البداية، فلما خشي منهم استبدلهم بالفرس، فاستغاث من شرورهم… فاستبدلهم بالترك فأذلُّوه…
كانت ضحايا الخليفة من العرب، فأصبحت منهم ومن الفرس، ثم منهم ومن الترك… واستمر الحال على هذا المنوال إلى أن أصبح الخليفة ضحية بأيدي المماليك والأتراك…
كان سيف السلطان (جنوده) وضحاياه من طينة واحدة: من الراكضين وراء لقمة العيش… فاقتتل الراكض مع الراكض، والجائع مع الجائع…
استقوى أمراء الجيوش، وأفرزوا نخبة من العسكريين، أخذت تتحكم بالقرار. ولأنهم سيف الخليفة شعروا بقوة تأثيرهم وسلطتهم ، فأصبحوا سيفاً مسلطاً على رقبة سلطانهم؛ فأصبح الخليفة واجهة للنخبة العسكرية، تحكم بشرعيته الدينية؛ إلا أن شرعيته كانت وهمية لا أساس لها، إلا ما توهَّم به العامة، أو ما شُبِّه لهم من فتاوى فقهاء السلاطين…
ضاعت الخلافة…وأصبحت الغاية امتلاكاً للسلطة بأي غطاء ، أو أي ستار، في سبيل امتلاك المال… وأصبحت الخلافة، التي أرادها المسلمون أداة لفرض الشريعة السماوية في سبيل خير البشر، عبئاً على الشريعة وعلى البشر معاً.
حسب البعض أن الحل لن يكون إلا في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن؛ وحسب البعض الآخر أن الحل لن يكون إلا في الخروج على سلطة الظالم، والقتال في سبيل فرض سلطة العادل.
وهنا سوف سنعدد عناوين عامة من النماذج التي تنقل الكلمات إلى واقع واضح. فقد حصل الصراع بين السلطة وبين أصحاب الأهواء السياسية والفرقية والطبقية والعرقية. والصراع بين السلطة وبين الخارجين عليها في الأطراف، والصــراع بين السلطـة والخرَّميـة. وصـراع السلطة مع المسلمين العرب. والصراعـات-الفتنـة العبـاسيـة-الشيعيـة. والشيعـة وأسلـوب المواجهـة المسلحـة. والحركات الشيعيـة في الأطراف: في المدينة ومكة واليمن والكوفة ونشأة لدعوة الإسماعيلية والدعوة القرمطية. وعلاقـة الدعـوة الإسماعيليـة بالدولة الفاطميـة. وقيام الدويلات الحمدانية والبويهية ودولة الحشاشين والمرابطين والموحدين والفاطميين…..
مرسلة بواسطة مدونة العروبة في الأحد, مايو 31, 2020
التسميات: عرض كتاب الردة في الإسلام
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twitterالمشاركة في Facebookالمشاركة على Pinterest
ردود الأفعال:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
روابط هذه الرسالة عرض مكثَّف لـ(كتاب الردة في الإسلام)
تمهيد لعرض الكتاب
رابط تحميل الكتاب: (https://drive.google.com/file/d/0B0ev5squgbknckd4b21PaXF3LTg/view?usp=sharing)
قيل في هذا الكتاب:
1-بعد قراءة الكتاب، لم أجد فيه محطة مضيئة، فهل من المعقول أن يكون في التاريخ العربي الإسلامي محطة مضيئة؟
-لأنه باتفاق شامل أن الأمة العربية متخلَّفة، فهي مريضة إذن. ويصبح دور الناقد كدور الطبيب وهو تشخيص أسباب المرض وليس التفتيش عن عوامل الصحة في جسمها. ولأن عوامل الصحة كانت مدار بحث لعشرات السنين، ترك الباحث المهمة على عاتق تلك الدراسات. هذا على الرغم من أن فتَّش عن عوامل الصحة كان مبالغاً جداً. وخاصة الحركات الدينية الإسلامية. وهذا ما كشف الباحث اللثام عنه في كتاب (الردة في الإسلام). وهذا ما سيتابعه القارئ من فصول الكتاب الذي اعتمد فيه على شتى المصادر المعروفة بالتاريخ.
2-بعد قراءة الكتاب، علَّق أحد القراء، لم أستطع أن أعرف هوية الباحث إلى أي مذهب ديني ينتمي.
-قلت له: إذن أنا نجحت في النقل الموضوعي، لأن كل المذاهب الدينية ارتكبت أخطاء كثيرة، وسجَّلت عليها في البحث تلك الأخطاء المبنية على نصوصها.
3-إن بناء دولة مدنية حديثة، يحتاج إلى نقد لجوانب تجربة الدولة الدينية. وجاء هذا الكتاب ليؤدي هذا الغرض بموضوعية مدَّعمة بالنصوص والنتائج.
4-لن تستطيع المؤسسات الدينية، بقيادة فقهائها وعلمائها، أن يدخلوا الإصلاح الديني من أبوابه من دون العودة إلى نتائج هذا البحث.
5-وقال الباحث بعد إنجاز بحثه، وبعدة معاناة طويلة من الاستقصاء والمتابعة للأحداث التي حصلت في العشرين سنة الأخيرة بعد إنجاز هذا البحث: إن المقاربة بين الفكر الديني – السياسي والفكر الوطني والقومي، مستحيلة. ولا بُدَّ من أن تنفصل عوامل الاحتكاك بينهما، ليؤدي الفكر الديني وظيفته في تنمية الأخلاق، على قواعد القيم العليا، وليس عبر طقوس وعبادات تسلب الإنسان حريته الشخصية. وأن يقوم الفكر الوطني على قواعد تنمية كل العوامل التي تضمن للإنسان حياة سعيدة قبل الموت. وأن يترك الفكران مسألة خلاص الأنفس في الآخرة لله الذي يعلم مصير الإنسان بعد الموت.
6-ولأن العقل البشري طرح منذ البداية إشكاليات الموضوع الذي طرقنا أبوابه من جديد، كاستكمال للنتائج التي عالجها عشرات الألوف من المفكرين، سيظل موضوع الردة مطروحاً بجدية واهتمام، ويجب أن يظل كذلك هماً رئيسياً في مجتمعنا العربي، حتى يتحول إلى ثقافة شعبية هي الوحيدة التي يمكنها أن تُطلق شرارات ثورة حقيقية يمكنها أن تُبشِّر ببداية خلاص الأمة من أمراضها المعرفية والثقافية التي نخرت عظامها منذ آلاف السنين ولا تزال.
وأخيراً نترك القارئ لمراجعة ما قمنا بتلخيصه في هذا العرض الموجز، ونضع بين يديه رابطاً للكتاب لمن يريد الاستزادة من التفاصيل، أو الاطمئنان إلى سلامة الموضوعية في بحثنا هذا.
(حسن خليل غريب)
عرض كتاب الردة في الإسلام
عن دار الكنوز الأدبية في بيروت، صدر للكاتب حسن خليل غريب كتاب (الردة في الإسلام)، في طبعتين الأولى صدرت في العام 1999.
يقع الكتاب في 507 صفحات من الحجم الكبير. ويضم ستة فصول وخاتمة.
وجاءت عناوين الفصول على الشكل التالي:
الفصــل الأول :إعتنـاق الإسلام بين الحـوار والإكراه
الفصل الثاني:مرحلـة التأسيس لتكفير الجماعـة
الفصــل الثـالث:إفـتراق الأمـة سيـاسياً
الفصـل الرابـع:إفـتراق الأمـة عقائديـاً
الفصـل الخامس :الغرب المسيحي يـجتاز مسافة الردة
الفصـل السادس:هل يمكن المقاربـة بين الردة وعصرنا الحاضر ؟
في نتائـج البحث:بعد ألف وأربعمائة سنة من التكفير والتكفير المضاد، ما هي النتائج؟
في مقدمة الكتاب تساءل الباحث عن أهمية البحث عن الردة في المرحلة المعاصرة، وعلَّل مشروعه البحثي بما يلي:
إن الردة في الإسلام -كما في المسيحية أو اليهودية، يعبّر أصدق تعبير عن حالة التجميد القسري التي يتعرَّض لها الفكر البشري، وأداة ضاغطة على العقل لفرض الجمود عليه والحؤول دون تطوير المعتقد والفكر. ولما كان مبدأ الردة يعمل على تفتيت أبناء المجتمع الواحد، كما يحول دون علاقة سليمة بين المجتمعات البشرية. عملنا على قراءة أصولها واتجاهاتها من خلال نصوص ووقائع التاريخين السياسي والعقائدي لشتى الفرق الإسلامية. وخصصنا لاحقاً فصلاً لمآلات مبدأ الردة في المسيحية من أجل المقارنة بين سلبيات الأولى وإيجابيات الثانية.
يتابع الباحث في المقدمة ليحدد المنهج البحثي الذي سلكه لبحث هذه الظاهرة، ويقول: (سلكنا في بحثنا هذا خطوات البحث الاجتماعي؛ وهذا المنهج يستند إلى وصف الحالة في مراحلها التاريخية، وفي جذورها الفكرية. فكان لا بُدَّ من أن نقرأ الأصول التاريخية لمبدأ الردة في تسلسل زمني -كما حدثت بالفعل- وفي وصف اتجاهاتها الفكرية العقائدية). ويتابع: (إن هذا المنهج جعل بحثنا يُكثِرُ من الوصف المستند إلى كتب التراث التاريخية)، وعمل على نقدها من أجل استخلاص النتائج واستثمارها من أجل بناء علاقة سليمة بين أبناء لمجتمعات البشرية.
لقد دلَّت النصوص، كما توصل الباحث إليه من نتائج، على أن الفقهاء يمتشقون سيف الردة على كل من لا يؤمن بمعتقداتهم وحسب فتاواهم، وتكفيره، بما يعنيه التكفير من أحكام تصل إلى حدود القتل. وفي حدها الأدنى وضعهم في دوائر التفسيق أو التضليل أو التبديع.
ولذلك دعا إلى (أن ينظر فقهاء المذاهب والفرق الإسلامية إلى مبدأ الردة نظرة موضوعية جادَّة، لكي تصبَّ نتائجها في مصلحة وحدة الإسلام والمسلمين، ولن تكون هذه الموضوعية جدية وصادقة إلا بالنظر إلى النص الديني بشكل ديناميكي متغير بعيداً عن جمود النظرة السلفية؛ التي عكست النتائج الأكثر من سلبية على كل مسيرة الدعوة الإسلامية منذ وفاة الرسول حتى الآن.
وعسى أن يكون في البحث الذي قمنا بتحقيقه ما يلفت نظر فقهاء المسلمين-على شتى انتماءاتهم واتجاهاتهم- ويدفعهم إلى التعالي عن مذهبياتهم وفئوياتهم، وما يعينهم في الوصول إلى شاطئ الأمان بعد أن قطعت الدعوة الإسلامية بحراً من الصراعات – الفتنة طوله ألف وأربعماية سنة حتى الآن، وكان فيها مبدأ الردة المحرك الرئيس.
وأخيراً نعدكم أعزائي ممن يهتمون بقراءة بحثنا، أن نتابع نشر هذا العرض على ست حلقات، بحيث يكون محور كل منها، عرضاً لفصل واحد من فصول الكتاب.
مرسلة بواسطة مدونة العروبة في السبت, مايو 23, 2020
التسميات: عرض كتاب الردة في الإسلام
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twitterالمشاركة في Facebookالمشاركة على Pinterest
ردود الأفعال:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق