موقف حكومة العراق من كوارث ليبيا والمغرب وارتباطه بالمواقف الإيرانية
شبكة البصرة
في أعقاب الكارثتين اللتين أصابتا بلدين عربيين وهما المغرب وليبيا، حيث ضرب إعصار دانيال مدينة درنة الليبية مخلفا أكثر من 5000 قتيل وعدد كبير من المفقودين، فيما نزح حوالي 40 ألف شخص من المناطق الاكثر تضررا بسبب الإعصار.
وضرب زلزال بقوة 7 درجات مدن مغربية كبرى عدة، مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس، ومراكش أغادير وتارودانت، ما أسفر عن مصرع 2946 شخصا وإصابة 5674 آخرين، وعدد كبير من المفقودين، إضافة إلى دمار مادي كبير شهدته المدن والقرى والبنية التحتية.
وعلى وقع هذه الأحداث بادرت العديد من الدول العربية والإقليمية إلى مد البلدين بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، بالإضافة إلى فرق الانتشال والانقاذ، إلا أن انتقادات واسعة تعرض لها العراق لتجاهله تقديم الدعم للبلدين بسبب موقفهما الرافض للتمدد الإيراني، وتدهور العلاقات الدبلوماسية معها.
مساندة ودعم
قامت عدد من البلدان بتقديم الدعم بمختلف أشكاله للمغرب وليبيا على خلفية الكوارث الطبيعية التي ضربت البلدين، حيث بادرت تركيا بإطلاق حملة لجمع المساعدات والتبرعات ردا على مبادرة البلدين عند وقوع زلزال تركيا مطلع العام الجاري، وأرسلت سفينتين محملتين بالمساعدات الإنسانية إلى ليبيا.
ومن جانب آخر أعلنت جمعية الهلال الأحمر المصري، إرسال كميات كبيرة من المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية إلى المغرب وليبيا، حيث تم تجهيز أكثر من 100 طن من المواد الإغاثية للمغرب، وإرسال 90 طنا أخرى إلى ليبيا.
فيما أرسلت دولة قطر فريق إنقاذ حط في الأراضي المغربية محملا بالمعدات والآليات اللازمة للإنقاذ والبحث، إضافة إلى مساعدات طبية وإنسانية عاجلة للمتضررين من الزلزال.
وأرسلت إسبانيا فريقا مكونا من 56 جنديا و4 كلاب من وحدة الطوارئ العسكرية للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ في إقليم الحوز مركز الزلزال، في وقت أعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن مدريد ستقدم مساعدة بقدر ما يحتاج إليه المغرب مع التركيز في البداية على إنقاذ أكبر عدد من الناس.
وفي سياق متصل، أرسلت الحكومة البريطانية 60 فردا من فرق البحث والإنقاذ والمتخصصين في تقييم الحاجات الطبية يشاركون في جهود الإغاثة، وبعد توجيهات ملكية شرعت السلطات السعودية بتسيير جسر جوي لتقديم المساعدات، وتوجيه الهلال الأحمر السعودي للمشاركة في أعمال الإغاثة.
مواقف عراقية
بعد انتقادات واسعة لدور العراق في تقديم المساعدات الإنسانية للبلدين، بسبب عدم رضا إيران وتوجيهها بتقديم المساعدة، حاولت الحكومة العراقية تغيير صورتها النمطية من خلال إرسال طائرتين محملتين ببعض المواد الإغاثية الطارئة إلى ليبيا، من دون أن يتم إرسال المساعدات إلى المغرب، التي ترفض بشكل كبير تواجد النفوذ الإيراني على أراضي العراق من خلال موقفها الثابت منذ سنوات.
واكتفى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بإرسال برقية إلى الملك محمد السادس، يؤكد فيها تضامن حكومة العراق مع الرباط، فيما تجاهلت حكومة السوداني تقديم الدعم الإغاثي والإنساني لشعب المغرب الشقيق.
بينما أعربت هيئة علماء المسلمين في العراق عن تضامنها مع ضحايا الزلزال المدمر في المغرب العربي، معبرة عن الحزن الكبير، والتضامن مع أبناء الشعب المغربي الشقيق، على الفاجعة الكبيرة التي أصابت المملكة المغربية إثر الزلزال المدمر.
ودعت الهيئة كل من لديه القدرة إلى تقديم المساعدات العاجلة والفورية للشعب المغربي، ومد يد العون والوقوف مع إخوانه؛ للخروج من هذه المصيبة وتجنب كارثة إنسانية، ولا سيّما أن الزلزال قد وصف بأنه الأكثر قوة وعنفا في المنطقة منذ قرن، مما يعكس حجم آثاره وتداعياته الكبيرة جدا، والتي شملت عددا غير قليل من أقاليم ومدن البلاد.
مواقف عدائية
ويؤكد الباحث السياسي الليبي، موسى تيهوساي، أن سبب عدم مشاركة العراق في دعم البلدين، ليبيا و المغرب واضح وجليّ، حيث سبق وأن كانت هناك مواقف عدائية بحق الشعب الليبي بدأها مقتدى الصدر.
وكان الصدر قد نشر، الثلاثاء الماضي، تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابق)، ذكر فيها تحديدا ليبيا، التي شهدت مؤخرا فيضانات راح ضحيتها الآلاف، وقال إن “ذنبها غير مغفور في عدم الكشف عن مصير موسى الصدر”.
ويضيف تيهوساي، لوكالة “يقين”، أن موقف حكومة العراق من كارثة ليبيا التي راح ضحيتها الآلاف يعكس مدى سيطرة إيران ومواقف الصدر عليه وهو شخص أظهر بشكل مخجل موت ضميره تجاه قضايا الأمة، حيث ربط سبب إعصار دانيال بموضوع موسى الصدر.
ويشير إلى أن ربط الصدر زلزال المغرب بتطبيعها مع الكيان الصهيوني، يعد مثالا صارخا لواحدة من أكثر صور ازدواجية المعايير خزيا، على حد وصفه، معتبرا أن الصدر بدلا من أن يتضامن مع أسر الضحايا سارع في استثمار المأساة وربطها بقضايا أيدلوجية.
ويبين الباحث الليبي، أن بلده لا يريد أي المساعدة من حكومة العراق مع هذه المواقف، إنما فقط أن يكفوا ألسنتهم عن الشعب الليبي، معتبرا أن الشعب العراقي مغلوب على أمره وله من شعب ليبيا كل التقدير، وليس ملاما لأنه قادته لا يمثلون مواقفه النبيلة على مر التاريخ.
ازدواجية التعامل
من جانبه يرى الباحث السياسي، عبدالقادر النايل، أن السلطات الحكومية في العراق غارقة في انتهاكات حقوق الإنسان بحق العراقيين، ولم تستطع إسعاف الشعب العراقي الذي تدعي أنها تعمل لمصلحته.
ويبين النايل لوكالة “يقين”، أن الحكومة العراقية ليست مهتمة بأي موقف إنساني يصيب دول العالم ولا سيما الدول العربية التي ينتمي إليها العراق، وما يجري الآن في المغرب وليبيا يستدعي أن تقديم المساعدات الفورية من الجميع.
ويؤكد النايل على أنه لو ترك الأمر للشعب العراقي لرأينا كم هو حجم موقفهم الإنساني والعروبي مع الشعبين الشقيقين المغربي والليبي وهم يتعرضان إلى نازلة كبيرة ومؤلمة.
ويشير إلى أن مساعدات سوريا التي قدمت على شقين الشق الشعبي ذهب إلى الشعب السوري أما الحكومي ذهب إلى دعم نظام بشار الأسد وفق معطيات طائفية استغلتها إيران لتهريب أسلحة وذخائر إلى ميليشياتها المتواجدة في سوريا وليس لأنهم ذو موقف إنساني مطلقا.
ويضيف بأن موقف العراق يتعلق بمصلحة إيران، لأن السلطات الحكومية ضمن ذات المحور الإيراني، لذلك لن يقدموا لهذين البلدين أي مواقف إيجابية بسبب موقفهما من نظام طهران، إلا بعد موافقة الجانب الإيراني.
ويبيّن النايل أن السلطات الحكومية في العراق منذ نشأتها تتعامل بازدواجية مع البلدان العربية، ليست فقط بملف المواقف الإنسانية إنما بجميع المجالات؛ لأن مشروعهم هو إبعاد العراق عن محيطه العربي والإقليمي وربطه مع أيران.
ويتابع: كما هو الحال مع تأشيرة الدخول إلى العراق، حيث أصبح سعرها لكل عربي يريد زيارة العراق 200 دولار، بينما الإيراني يدخل للعراق من دون تأشيرة ولا رسوم مالية ووصل الحال أن يدخل بمستمسكات ثبوتية منتهية الصلاحية، وبالإمكان قياس ذلك على الملفات الأخرى.
وكالة يقين
شبكة البصرة
الاربعاء 5 ربيع الاول 1445 / 20 أيلول 2023
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط