-{{{{{{داروسيا..............................................................إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ........................................................................... ولا بد لليل ان ينجلي وللجهل ان ينحسر؟؟؟!!!..................................................................................... بعناتا}}}}}}
بـــــــــــــــــــــــــــعــــــــــــلـــــــبـــــــك. ...غابت شمسها والعز تاه فيها .........................................................................................................................................................بعلبك يا دار الالهة بماضيها

بعد خطوة المحكمة الجنائية الدولية: فلسطين في ميزان العدالة السياسية والقضائية

بعد خطوة المحكمة الجنائية الدولية:

فلسطين في ميزان العدالة السياسية والقضائية

شبكة البصرة
بقلم المحامي حسن بيان

إن تأتي متأخرة أفضل من لا تأتي أبداً. هذا ما ينطبق على إعلان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية “فاتوا بنسودا” بفتح تحقيق كامل بشأن جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة. علماً أن السلطة الوطنية الفلسطينية رفعت إلى المحكمة الجنائية الدولية ملفاً بانتهاكات “إسرائيل” بما هي سلطة قائمة بالاحتلال لأحكام القانون الدولي الإنساني وارتكابها ا افعالاً من تلك التي نصت عليها المادة (5) من النظام الأساسي للمحكمة والتي تدخل في اختصاصها وهي:

1- جريمة الإبادة الجماعية

2- الجرائم ضد الإنسانية

3- جرائم الحرب

4- جريمة العدوان

وقد نص نظام المحكمة، البند (1) من المادة (11) المتعلقة بالاختصاص الزماني أن ليس للمحكمة اختصاص إلا بما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام الأساسي والذي وضع بصيغته النهائية في 17 تموز/1998وسمي بنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وفتح باب التوقيع عليه في 17/تموز/1998 بمقر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وحسبما نصت عليه المادة 125 من النظام، وبقي باب التوقيع مفتوحاً في روما حتى 17 تشرين الأول/1998 وبعد هذا التاريخ يظل باب التوقيع مفتوحاً بمقر الأمم المتحدة في نيويورك حتى 31/12/2000 كما نص البند (1) من المادة (126) على أنه يبدأ نفاذ النظام الأساسي في اليوم الأول من الشهر الذي يعقب اليوم الستين من تاريخ إيداع الصك للتصديق أو القبول أو الموافقة أو الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة.

وتجدر الإشارة أن “إسرائيل” وقعت على النظام الأساسي في 31/5/2000 إلا أنها لم تصادق عليه ولم تعلن انضمامها إلى ميثاقها أو الموافقة عليه حيث أن التوقيع يجب أن يقرن بالمصادقة وهذا ما لم يحصل، وبمعنى آخر أنها لم تنضم إلى النظام الأساسي للمحكمة بينما أقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية على تقديم طلب الانضمام إلى النظام الأساسي لهذه المحكمة في كانون الثاني من عام/2014 وأعلنت المحكمة في 1/4/2015 انضمام دولة فلسطين رسمياً إلى نظامها الأساسي وبالتالي أصبح لها حق المقاضاة باعتبارها باتت دولة طرفٍ و أن المحكمة عندما حدد نظامها الأساسي الجرائم التي تدخل في اختصاصها، إنما حصرها بالجرائم الأشد خطورة والتي هي موضع الاهتمام الدولي، وهي التي ُحددت في المادة (5) من نظام المحكمة.

إن واحدة من الجرائم التي حددتها المادة (5) كافية لتوفر شروط فتح التحقيق والملاحقة، فكيف إذا كانت الجهة موضوع المقاضاة قد ارتكبت كل هذه الجرائم.

إن “إسرائيل”، بما هي سلطة قائمة بالاحتلال، قامت بقتل جماعة في الأراضي المحتلة وألحقت ضرراً جسدياً بأفراد الجماعة الواقعة تحت الاحتلال، وأضعفت الأحوال المعيشية (الحصار الاقتصادي والمالي)، وهذه الأفعال تندرج تحت توصيف جريمة الإبادة الجماعية.

كما أن “إسرائيل” عمدت إلى أبعاد السكان ونقلهم قسرياً، وأقدمت على سجن أفراد من الجماعة الواقعة تحت الاحتلال وحرمتهم من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي، كما أنها ارتكبت أعمال التعذيب وجريمة الفصل العنصري الذي جعل منها “دولة ابارتايد” وأقامت الجدار الذي وصفته محكمة العدل الدولية بجدار الفصل العنصري، وهذه الأعمال تندرج تحت أفعال الجرائم ضد الإنسانية.

كما أن “إسرائيل” ألحقت تدميراً واسعاً بالممتلكات عبر الاستيلاء عليها بطريقة مخالفة للقانون وبطريقة عاتية، وأنشأت عليها مستعمرات، أي أن الاستيلاء لم يكن لضرورة عسكرية مبررة. كما عمدت إلى توجيه هجمات ضد السكان المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية. أن كثيراً من المواقع التي تعرضت لهجوم لم تكن تشكل أهدافاً عسكرية، كما استخدمت الأسلحة المحرمة دولياً، وعاملت السكان معاملة مهينة و اللائحة تطول وهذه الأعمال تندرج ضمن الأعمال التي تشكل جريمة حرب.

وإذا كانت جريمة العدوان لم تدخل حتى الآن ضمن اختصاص المحكمة باعتبار أن الدول ذات العضوية الدائمة تعتبر أن “العدوان” يدخل ضمن الاختصاص المحفوظ لمجلس الأمن وهو وحده القادر على التصدي المباشر له، لأنه يتمتع بقدرات على التعامل معه وتوصيفه، والتصرف معه طبقاً للميثاق، بردعه وعقابه، وطبعاً هذه حجة الأقوى على الأضعف لأن الدول الكبرى أو المحمية منها هي التي تمارس العدوان وبالتالي فإنها حمت نفسها بالنص من أية مساءلة أو إحالة إلى المحاكمة الجزائية الدولية.

إن “إسرائيل” هددت بالثبور وعظائم الأمور فيما لو أقدمت المحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيق بالجرائم التي ترتكب في الأرض المحتلة فلأنها تعي جيداً ما تقوم به وما ترتكبه من أعمال وانتهاكات للقانون الدولي وخاصة القانون الدولي الإنساني إنما هي الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وباعتبار أن دولة فلسطين أصبحت طرفاً في نظام المحكمة، فبات لها صلاحية الطلب بفتح تحقيق بالجرائم التي تدخل ضمن نطاق اختصاص المحكمة. وكان سبق لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن شكل بعثه لتقصي الحقائق بعد عدوان “إسرائيل” على غزة 2008-2009، برئاسة القاضي في المحكمة الدستورية في جنوب افريقيا ريتشارد غولدستون وفي التقرير الذي رفعته لجنة تقصي الحقائق أن “إسرائيل” ارتكبت أعمالاً من تلك التي نصت عليها المادة (5) من نظام المحكمة والتي جرت الإشارة إليها، وخلصت اللجنة في توصيتها إنه توجد شكوك جدية حول استعداد “إسرائيل” لإجراء تحقيقات بطريقة نزيهة ومستقلة وعاجلة وفعالة، على نحو ما يتطلبه القانون الدولي، ومن رأي البعثة أيضاً أن النظام الإسرائيلي على وجه الإجمال يتصف بسمات تمييزية متأصلة فيه تجعل من سجل العدالة أمام الضحايا الفلسطينيين آمراً بالغ الصعوبة.

إن هذا التقييم لبعثة الأمم المتحدة حول الوقائع الجرمية، وحول حقيقة الموقف الصهيوني، كان قبل عشر سنوات وقبل أن تنضم دولة فلسطين إلى نظام المحكمة، فكيف بعد الانضمام.؟

إن ثمة عاملان برزا:

الأول: إن “إسرائيل” راكمت من انتهاكاتها لأحكام القانون الدولي الإنساني، وهذا يضيف أدلة جديدة إلى إثبات جرائمها التي ارتكبتها في الأرض المحتلة، وهي جرائم متمادية، وهذا يعزز من معطيات ملف التحقيق لجهة الوقائع وبالتالي توفر الأركان المادية للتجريم.

الثاني: إن دولة فلسطين أصبحت دولة طرفاً في نظام المحكمة ويحق لها حسب نظام المحكمة أن توجه طلباً إلى المحكمة لفتح تحقيق وهذا يعزز الموقف القانوني للجهة التي ُارتكبت بحقها أعمال جرمية من تلك التي نصت عليها المادة (5) من نظام المحكمة وبطبيعة الحال فإن التحقيق الذي سيباشر بطلب من المدعي العام في المحكمة سيصل إلى تكوين ملف كامل حتى ولو لم تتعاون “إسرائيل” مع لجنة التحقيق المكلفة من المدعي العام.لكن بعد الانتهاء من أعمال التحقيق وتكوين الملف، هل ستحال القضية إلى المحكمة لتضع يدها على الملفات وتطلق المحاكمة؟ هنا تبرز الإشكالية الكبيرة، أولاً، لأن “إسرائيل” ليست طرفاً في النظام الأساسي لأنها لم تصادق عليه، وثانياً، لأن” إسرائيل” محمية بدولة كبرى تملك حق النقض في مجلس الأمن الدولي. وهذه الحماية ناشئة عن نص المادة (16) من نظام المحكمة التي تنص على أنه لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب النظام الأساسي للمحكمة لمدة اثني عشر شهراً بناءً على طلب من مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة، واستناداً الى قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها. وبمعنى آخر، فإن إحالة ملف تحقيق وبالتالي مقاضاة الدولة التي ليست طرفاً في نظام المحكمة يتطلب إحالة من مجلس الأمن الدولي سنداً لصلاحياته بموجب الفصل السابع، وهذا ليس ممكناً تمريره لأن الدول التي تملك حق النقض تعطل هذه الإمكانية.

لكن أين تكمن أهمية هذا الإجراء الذي أقدم عليه المدعي العام في المحكمة الدولية؟، أن أهمية هذا الاجراء تكمن في كونه يوثق في ملف ذي طبيعة قضائية جرائم “إسرائيل” التي ترتكبها في الأرض المحتلة، وهذه لها بُعدان: بُعدٌ أول قضائي وهو أن “إسرائيل” بما تقوم به إنما ترتكب جرائم حرب وجريمة إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وهذه الجرائم موثقة في ملف أشرفت عليه مرجعية قضائية دولية، وهذا يسقط عن “إسرائيل” ما تدعيه لنفسها وتزعمه بأنها دولة قانون وتحترم حقوق الإنسان، وطالما أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وأن كانت لا تمتد إلى مرحلة ما قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها ستبقى قائمة وستبقى سيفاً مسلطاً على رقاب دولة العدو وتحت طائلة المحاسبة والمساءلة إذا ما تغيرت موازين القوى وتعدلت السياسات الدولية.

وبُعدٌ ثانٍ سياسي، وهو أن توثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها “إسرائيل” ومن قبل جهة محايدة وذات مصداقية دولية، سيضع هذا الكيان ضمن دائرة الإدانة السياسية، وتكون هذه الإدانة مستندة إلى انتهاك “إسرائيل” لأحكام القانون الدولي، وبذلك تكون دولة فلسطين قد اعتمدت أسلوب الترميز المعاكس، أي إدانة “إسرائيل” لانتهاكها لحقوق الإنسان، وهي التي تزعم أنها دولة حقوق الإنسان، وهذه رسالة بقدر ما تكون موجهة لهذا الكيان، فإنها موجهة ايضاً إلى الدول الحامية “لإسرائيل” والتي تدعي حرصها على حقوق الإنسان، وتستعملها شماعة تعلق عليها أعمالها العدوانية ضد من هم في دائرة الاستهداف السياسي المقابل، وهنا المقصود أميركا.

فأميركا التي تقدم نفسها دولة حقوق إنسان بامتياز وتشن حروباً تحت هذا العنوان وطبعاً لأهداف لا علاقة لها بحماية حقوق الإنسان تأتي قاعدة “الترميز المعاكس” لتثبت أن حمايتها لمن ينتهك حقوق الإنسان في زمن السلم والحرب، سيضعها في دائرة الإحراج وضعف المنطق السياسي في الدفاع عمن ينتهك حقوق الإنسان وفي هذا إدانة للفاعل والحامي والراعي.

وهنا تكمن أهمية الخطوة التي بدأتها المحكمة الجنائية الدولية لأنها وإن لم تشق طريقها إلى مآلاتها النهائية إلا أنها تكون قد ادت وظيفة اساسية في اعادة تموضع قضية فلسطين في ميزان العدالة الدولية، سياسياً وقضائياً.

شبكة البصرة

الخميس 29 ربيع الثاني 1441 / 26 كانون الاول 2019

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط

كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب