انها لعبة تجميل اسرائيل الشرقية
شبكة البصرة
صلاح المختار
الهجمات الاسرائيلية بطائرات مسيرة على مقرات حزب الله في لبنان هي، وقبل كل شيء، جزء من خطة اعادة تأهيل مدروسة لحزب الله ولسيدته اسرائيل الشرقية لاسباب عديدة سنذكرها، من اجل ابقاء اسرائيل الشرقية تواصل دورها المرسوم صهيونيا وغربيا وفارسيا وهو تقسيم الاقطار العربية ومحو هويتها العربية بوجود دعم شعبي عربي لها تحت غطاء انه صراع مع اسرائيل الغربية، وهو دعم يشكل الشرط الاهم لنجاح المخططات المعادية، ومن ابرز مؤشرات هذه الحقيقة هو رد فعل نغول اسرائيل الشرقية العرب الذين سرعان ما وجدوا الحجة لتصعيد دعمهم للدور الايراني داخل الاقطار العربية وهو دور المحتل وبسبب هذه الطبيعة يحتاج بشدة لاخفاء طبيعته الاستعمارية عن طريق وجود عرب يدعمون خطواته.
منذ تصاعدت (المصارعة الحرة) الامريكية – الايرانية في زمن ترامب كان من ابرز مؤشراتها انها تتضمن هدف واضح وهو اعادة تجميل للوجه الايراني البشع والذي لم يعد يحتمله حتى بعض نغولها فتخلى عنها بعضهم وارتفعت اصواتهم تفضح الطبيعة الاستعمارية للدور الايراني ونغوله العرب كاداة طيعة بيده، وبالفعل ما ان ضربت الطائرات المسيرة مقرات حزب الله في بيروت حتى تعالت اصوات تدين العملية الاسرائيلية مستغلة عداء العرب للغزاة الصهاينة، ولكن الادانة هذه كانت ملتبسة ومحاطة بأسئلة واضحة جدا بدون الاجابة عليها تنكشف خيانة قسم من الذين استنكروا العملية لامتهم العربية، وفيما يلي ملاحظات اساسية تؤكد ذلك :
1- لنتذكر دائما ان الغزو يبقى غزو سواء كان امريكيا او صهيونيا او ايرانيا…الخ،اذ كيف اميز بين احتلال واحتلال واعتبر ان احدهما جيد والثاني سيء وكلاهما يستهدفان تدمير وطني وهويتي ومصالحي الوطنية والقومية؟
2- ان اي ادانة للعمليات الاسرائيلية الغربية ضد مقرات حزب الله لكي تكون نزيهة ووطنية وقومية واخلاقية حقا يحب ان تسبقها ادانة انقلاب حزب الله على لبنان وسيطرته عليه بالقوة وتحييده للدولة اللبنانية والقوى اللبنانية، وهذا يعد عمليا احتلالا ايرانيا بالواسطة لاربعة اقطار عربية هي العراق واليمن وسوريا ولبنان، وباعترافات ايرانية رسمية لوزير الحرب الايراني حسن دهقان وهو احتلال لايختلف من حيث الطبيعة عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين ولا عن الاحتلال الامريكي للعراق وان كان يختلف من حيث الاساليب والحدة فالاحتلال الايراني اخطر بمراحل عديدة من الاحتلالات الامريكية والصهيونية خصوصا لانه يقوم على الاستعمار السكاني للاقطار العربية.
لم يؤدي انقلاب حزب الله العسكري في لبنان في عام 2008 الى تغيير وجوه بل ادى الى استبدال سلطة الدولة بسلطته وهي واقعة لاينكرها حسن نصرالله حتى في تصريحاته يوم 27-8 والتي اكد فيها انه سوف يرد على الهجوم الاسرائيلي بطريقة لاتؤدي لحرب شاملة، في تجاهل متوقع للدولة اللبنانية التي كان يجب ان تقوم هي وليس حزب الله بالرد. والسؤال الذي يجب منع تجنب طرحه هو: هل ولاء حسن نصرالله وحزبه للبنان والامة العربية كي يجد مبررا لانقلابه ويفسره على انه يخدم مصلحة لبنان العربي؟
3- مفهوم ولاية الفقية وهو مثبت في الدستور الايراني بصفته مذهب الدولة يلزم المؤمن به بالخضوع المطلق للولي الفقيه واذا خالفه فانه يتعرض للحرمان من زوجته وادانته وتكفيره، وحسن نصر الله تابع لاسرائيل الشرقية تبعية مطلقة لانه يؤمن بولاية الفقية واكد ذلك في اكثر من خطاب والدليل على ذلك انه مسجل في لبنان بصفته وكيل للولي الفقيه علي خامنئي في لبنان، وهي وكالة رسمية، ويترتب على هذه الوكالة اضافة لالتزام بولاية الفقية خضوع حسن نصرالله خضوعا مطلقا لخامنئي فينفذ اوامره حرفيا وبلا ابطاء وبغض النظر عن فائدتها او ضررها على قطره لبنان وعلى امته العربية، وربما يكون مفيدا لتأكيد الطابع العبودي المطلق لمفهوم ولاية الفقية ان ننظر مرة اخرى في صور حسن نصر الله عندما يقابل خامنئي وكيف انه يبدا بتقبيل يده والانحناء بذل عبد له (الملحق1). فهل يمكن للعبيد تحرير وطن؟
الثائر بطبيعته حر ولايمكن له ان يكون عبدا مجردا من الارادة الحرة، فحرية الثائر هي اهم شروط قدرته على النضال من اجل حرية شعبه، ومتى ما فقد الارادة الحرة فقد ثوريته وتحول الى اداة طيعة، وهذا هو حال حسن نصر الله! ومن المفيد التذكير بواقعة تحدد هويته وهي صوره التي يفتخر بها وهو يقاتل الجيش العراقي اثناء محاولة خميني غزو العراق! (المحلق2) فأذا كان ولاء حسن نصرالله وحزبه لاسرائيل الشرقية وهي ليست وطنه القومي وتغزو اقطار عربية وتعلن بلا مواربة انها تريد غزو اقطار اخرى فكيف يمكنه ان يكون وطنيا ومدافعا عن لبنان وامته العربية؟
4- هل يمكن وفي ضوء ما سبق ان يكون العدوان الاسرائيلي على لبنان مؤخرا اكثر اهمية من اخضاع لبنان كله لاسرائيل الشرقية وقلب المعادلة اللبنانية جذريا بجعل حزب الله هو المتحكم به دون غيره؟ دون ادنى شك فان السيطرة على لبنان وافساد حياته وتغيير بنيته السياسية وتهديم اقتصادة ونشر الارهاب فيه وممارسة ابتزاز القوى السياسية اللبنانية بسلاح المقاومة، الذي اقسم مرارا انه لن يستخدم الا ضد اسرائيل الغربية،والحاق لبنان قسرا باسرائيل الشرقية…الخ كل ذلك هو التهديد الوجودي الاهم للبنان من اي تهديد اخر في هذه المرحلة التاريخية، وهو لذلك العدوان المباشر والاخطر عليه لانه بمستوى غزو كامل وليس قصفا من الخارج بطائرات مسيرة، بدليل ان لبنان يتعرض للتدهور المتزايد وللهجمات المستمرة منذ سيطر حزب الله عليه، فتهديد اسرائيل الغربية للبنان نابع في السنوات الاخيرة من هيمنة الحزب على لبنان وتسخيره لتحقيق اهداف تخدم المصالح القومية الايرانية.
فهل حزب الله لبناني وعربي كي ننظر اليه والى عمله كما ننظر لمقاوم عراقي للاحتلال الايراني وقبله للاحتلال الامريكي وكما ننظر لمقاوم فلسطيني للاحتلال الصهيوني؟ يقينا كلا فالاختلاف نوعي بين حالة حزب الله وحسن نصرالله اللذان يحتلان لبنان لصالح الفرس وحالة المقاوم العراقي والفلسطيني.
5- من هنا فان وطنية وعروبة اي مدافع عن حزب الله تصبح موضع شكوك جذرية ما لم يسبق ادانته للضربات الاسرائيلية لمقرات حزب الله بادانة احتلال حزب الله للبنان وتبعية قائده حسن نصرالله وحزبه لاسرائيل الشرقية التي تقاتل وتحتل في ان واحد العراق واليمن وسوريا ولبنان بضباطها وادواتها المحلية ليس من اجل تحريرها من الغزو الخارجي بل من اجل اكمال الغزو الايراني لها وهو عمل يدخل حتما في معايير العالم كله ضمن ممارسة القوى الاستعمارية.
6- ان ادانة الضربات الاسرائيلية لمقرات حزب الله وتجنب ادانة حزب الله على سيطرته على لبنان واخضاعه لمصالح اسرائيل الشرقية وتوليه مهمة خطيرة وهي اعداد ميليشيات تابعة لاسرائيل الشرقية في العراق واليمن وسوريا ودول الخليج العربي وغيرها وتدريبها وتسليحها يخرجه حتما من قائمة القوى الوطنية والقومية العربية ويضعه حتما ايضا في قائمة ادوات الاحتلال الاجنبي للاقطار العربية وهي حالة نعيشها الان ولم نقرأها في التاريخ فنحن شهود احياء وضحايا بالملايين للغزو الايراني.
عندما يكون لبنان حرا ويقوده ابناءه الاصلاء وليس نغول الفرس والصهاينة والغربيين يمكن الدفاع عنه بلا تحفظ،اما عندما يكون ضحية لصراع بين حرامية ولصوص احدهما ايراني والاخر صهيوني فان الامر يحتاج لادانة وفضح مزدوجين في ان واحد : فضح لعبة امريكا بهدف تجميل وجه اسرائيل الشرقية عبر حركات المصارعة الحرة الامريكية حتى الان ومنها القصف الصهيوني،وفضح اسرائيل الشرقية ونغولها العرب،ولهذا فان اي ادانة منفردة للضربات الاسرائيلية الغربية لمقرات حزب حسن نصرالله دون ان تسبقها أدانة الغزو الايراني للبنان موقف مشبوه ومدان وداعم للغزوات الايرانية مهما موه وتبرقع.
Almukhtar44@gmail.com
27-8-2019
(الملحق1) و(الملحق2)
شبكة البصرة
الثلاثاء 26 ذو الحجة 1440 / 27 آب 2019
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط