أربعون عاما من الطائفية والعنصرية والإرهاب | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
السيد زهره | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
هذه الواقعة رواها الصحفي والدبلوماسي الفرنسي المعروف اريك رولو.
قال انه بعد الثورة الإيرانية “طلبت أن أقابل السيد الخميني، وكان قليلًا ما يعطي أحاديث للصحفيين، لكن حين علم انني كنت أكتب عن الثورة قبل حدوثها في واحدة من أشهر جرائد أوروبا (لوموند الفرنسية)، وافق على اجراء الحديث.. أحضرت له عشرة أسئلة باللغة العربية؛ فهو يعرفها، و حين كان يقيم في النجف كان يصدر منشوراته بالعربية. لكن كانت المفارقة أن كان يطلب من أحد مرافقيه ترجمة السؤال إلى الفارسية، ويجيب بالفارسية. حينها أدركت أن الخميني زعيم قومي إيراني، وليس زعيمًا إسلاميًا” حدث هذا قبل أربعين عاما، وكان إدراكا مبكرا جدا من الكاتب الفرنسي الكبير للبعد القومي للثورة الإيرانية. اليوم بعد أربعين عاما، لنتأمل هذا. قبل يومين، بمناسبة الذكرى الاربعين للثورة الإسلامية، وفي الخطاب الذي القاه الرئيس الإيراني حسن روحاني، كان ملفتا جدا انه يتحدث ليس بصفته رئيسا لجمهورية إسلامية، وانما بصفته القومية الفارسية. تحدث روحاني عن “ايران الكبرى” التي تم اقتطاع أجزاء منها قبل اكثر من 200 عام في عهد القاجار وبعد ذلك. وأعاد الحديث عن أطماع ايران ومزاعمها القبيحة في البحرين ودول الخليج العربية. روحاني تحدث كما يتحدث القوميون الفرس بالضبط. وتصريحات ومواقف كل القادة والمسئولين الإيرانيين منذ ما بعد الثورة عن مخططاتهم واطماعهم في المنطقة تعبر عن قومية متطرفة. فهل يعني هذا ان النظام الإيراني في جوهر مواقفه وسياساته ورؤاه ما هو الا نظام قومي فارسي فقط؟ الحقيقة أسوأ من هذا. الحقيقة ان النظام الإيراني في استراتيجيته ومواقفه وسياساته وسلوكه العملي يجمع بين القومية في أسوا صورها وأكثرها تطرفا، والدين في أسوأ فهم له، وأشنع استغلال له. ليست هناك أي مشكلة في ان يستنهض النظام في أي بلد او أمة المشاعر القومية، ويعتز بقوميته ويفخر بها. بالعكس، كل الدول والأمم في العالم تفعل هذا. ونحن في الوطن العربي مثلا يجب ان نعتز بقوميتنا، وقد دعوت في مقالات مؤخرا الى الضرورة الحاسمة لرد الاعتبار للقومية العربية سياسيا واعلاميا وعلى كل المستويات. المشكلة حين تكون القومية في وعي وادراك النظام او النخب السياسية والفكرية مرادفا للتعصب وللعنصرية في أقبح صورها. وهذا بالضبط هو حال النظام الإيراني بعد الثورة. القومية بالنسبة له تعني في نفس الوقت نظرة عنصرية شديدة العدائية والتطرف للعرب كلهم، وتعني اعتقادا بأن من حق ايران من هذا المنطلق العنصري القبيح الهيمنة في المنطقة وفرض ارادتها. وليست هناك مشكلة بالطبع في ان يكون النظام، أي نظام اسلاميا، او يعتبر نفسه كذلك. المشكلة حين يكون فهم الاسلام متعصبا متطرفا، ويتم استغلاله سياسيا بشكل مدمر. وهذا بالضبط هو حال النظام الإيراني. النظام إيراني هو نظام طائفي شديد التطرف في طائفيته. وهو من هذا المنطلق وضع منذ البداية نصب عينيه ان يعمل على اثارة الطائفية في كل دول المنطقة. والنظام الإيراني اعتبر ان هذه الطائفية احد أسلحته وادواته الكبرى لتحقيق أطماعه وتنفيذ مخططات في المنطقة. وحين تجتمع القومية العنصرية المتطرفة مع الطائفية وهذا الاستغلال البشع لها، لا يمكن ان ينتج عن ذلك سوى المخططات التوسعية واوهام الهيمنة على مقدرات المنطقة. ولا يمكن ان ينتج عن ذلك سوى اللجوء الى الإرهاب لتحقيق هذه الغايات. هذه باختصار هي كارثة النظام الإيراني… أربعون عاما من العنصرية والطائفية والإرهاب. ولأن هذه القناعات مترسخة وترقى بالنسبة للنظام الى مستوى القداسة، يخطيء من يظن انه يمكن ان يتخلى عن هذه القناعات او يمكن ان يغير مواقفه وسياساته وسلوكه. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شبكة البصرة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الاربعاء 8 جماد الثاني 1440 / 13 شباط 2019 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط |