التسامح الديني ضمانه الدولة المدنية | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
د. أبو طارق | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أحد رواد الثورة الأمريكية لنيل الإستقلال من بريطانيا له مقولة مشهورة تقول قد لا أتفق مع أرائك لكني مستعد أن أموت في سبيل تملكك لحقك في إبداء رأيك.
لقد حققت القومية العربية حلم الدولة المدنية في الوطن العربي وأبرزها الدولة المدنية التي بناها الرئيسان أحمد حسن البكر وصدام حسين في العراق وبنى مثلهم الدولة المدنية جمال عبد الناصر في مصر. فكانت دولة العراق ناجحة في التوفيق بين كل المذاهب والأديان الإسلامية بشقيها السني والجعفري والمسيحية والصابئة والآخرون. وتعتمد الدولة المدنية في نظرتها للدين على أن الدين علاقة بين الفرد وربه لا دور للدولة فيه. فهي أي الدولة المدنية مسؤوليتها أن تضمن حرية ممارسة العقيدة لأيٍ كان من مواطنيها وتضمن حقه أيضاً في تعليم دينه للآخرين وتضمن إتاحة الفرص للكفاءات في تبوء المناصب العليا للدولة أو الوظائف العليا بغض النظر عن دين الشخص أو عرقه. فلا عجب إذاً أن نجحت الدولة العراقية في خلق حالة من التعايش بين المذاهب الإسلامية في العراق والأديان والأعراق المختلفة لدرجة تبوء هذه الفئات المختلفة أعلى المراتب في الحكومة وفي الوظائف. بل أن العراقيين الذين عاشوا في كنف الحكم الوطني بالعراق يشهدون على حالة التسامح والتعايش السلمي هذه فيقولون لم نكن نعرف من هو شيعي ومن هو سني بالعراق. بل أن التزاوج بين المذهبين السني والشيعي كان منتشر لترى اليوم كثيراً من الأولادء والبنات العراقيين يأتون من هذه الزيجات المختلطة. ولعل هذه الرواية التي يرويها أحد الوطنيين العراقيين تبرز مدى التسامح الديني الذي كان يشكل تفكير الرئيس صدام حسين. يروي القاص بأن الرئيس صدام كان يزوج أحد بناته من رجل وطني من الطائفة الجعفرية الكريمة. فعندما مثُل الرئيس أمام القاضي في المحكمة ليكمل إجراءات عقد الزواج سأله القاضي هل تريدني يا حضرة الرئيس أن أكتب العقد على المذهب السني أم الجعفري. فسأله الرئيس أي المذهبين أرفَقُ ببنتي؟ فقال له القاضي المذهب الجعفري. فقال له الرئيس أكتب عقد الزواج على المذهب الجعفري. وهكذا كان العراق لا فرق فيه بين مواطن عراقي وآخر وكان الرئيس ينبذ التطرف من الطرفين لما هو في صالح الوطن. فلا يعتدي أحد على أحد والكل يشتغل بإخلاص لمصلحة الوطن وحمايته. فلا عجب إذاً أن القيادة العليا لحزب البعث في العراق كانت تضم في عضويتها السني والشيعي والمسيحي والعلماني والكردي والآخرون. بل أن عضوية حزب البعث في العراق كانت غالبتها من المذهب الشيعي. ولقد كانت بالمثل المزارات وحق ممارسة شعائر المذهب الشيعي في الأماكن المقدسة في النجف وكربلاء وسامراء مفتوحة لمن أراد. وطبعاً اليوم مع إنهيار الدولة المدنية في العراق تفشت الميليشيات الطائفية الحاقدة المدفوعة من إيران وإنتشرت الدواعش المحقونة بالحقد الطائفي في كل العراق ودُمر العراق نهباً وتدميراً وقتلاً وإفقاراً وإنتشر العنف الطائفي مع إنهيار الدولة المدنية التي كان راعيها العراق. 19/1/2019 |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
شبكة البصرة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
السبت 13 جماد الاول 1440 / 19 كانون الثاني 2019 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط |