-{{{{{{داروسيا..............................................................إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ........................................................................... ولا بد لليل ان ينجلي وللجهل ان ينحسر؟؟؟!!!..................................................................................... بعناتا}}}}}}
بـــــــــــــــــــــــــــعــــــــــــلـــــــبـــــــك. ...غابت شمسها والعز تاه فيها .........................................................................................................................................................بعلبك يا دار الالهة بماضيها

متى تصبح الديمقراطية صندوق باندورة ؟!

صلاح المختار – متى تصبح الديمقراطية صندوق باندورة ؟ 3

الشورى ليست نظاما دينيا ظهر مع الاسلام كما يصور الغرب الاستعماري بل هو نظام دنيوي وتراث قومي عربي ظهر قبل الاسلام في بابل واشور وسومر واليمن والشام وفي كل تلك الحضارات كانت الشورى جزء من نظم امبراطورية او ملكية. ومجرد وجود الشورى قبل ما بين الفي عام وستة الاف عام في الوطن العربي مؤشر لاصاله التربية الشوروية والنزعة الجماعية لدينا وهي نقيض النزعة الفردية التي ولدت منها الديمقراطية الغربية . الشورى نظام من تسميته يقوم على التشاور قبل اتخاذ القرارات العامة بين علية القوم وهم الحكام والافراد الاكثر وعيا وعلما واحتراما في المجتمع ، وهؤلاء يقررون او يساهمون في اتخاذ القرار بناء على حوارات ومناقشات وجدل يفضي للاتفاق او غلبة راي الاكثرية . وبهذا المعنى فنظام الشورى يقوم على قاعدة وعي متقدم وثروة معرفية وهيبة اجتماعية لدى من يمارس الشورى وامين ومتسامح اضافة للحزم عندما تقتضي الحالة .

وفقا لهذه الحقيقة التاريخية فان جذور الديمقراطية الشعبية عمرها الاف السنين لدينا وتعرضت هذه الجذور للجفاف او التجفيف نتيجة لكوارث الحروب وتدهور الحضارات…الخ ،ولكن الجذور بقيت حية في نفوس الناس وكانت سرعان ما تنمو حالما تجد مناخا مناسبا لها لان ثمة طبيعة ثانية ترسخت في نفوس الناس عبر ممارسات الشورى من رأس الدولة الى مجلس المحلة الذي ينتخب او يعين المختار مرورا بديوان شيخ القبيلة والذي اصله التشاور وبحث شؤون القبيلة ،بينما الديمقراطية الغربية هي مجرد غطاء خارجي طارئ تم فرضه بالاصل لانهاء كوارث الصراعات الطاحنة فهي ممارسة حديثة وتحمل في احشاءها كل عوامل البدائية الاوربية من قسوة متطرفة وانانية اكثر تطرفا لذلك فانها جاهزة للارتداد للوحشية بسرعة صادمة وهو ما نراه الان في السلوك الغربي عموما والامريكي خصوصا .

الديمقراطية الشعبية والشورى ثمرة الاف السنين من تراكم التجارب وغربلتها وبلورة ضوابط تتحول تلقائيا وبمرور الزمن الى طبيعة ثانية ،ولذلك نرى الشورى تمارس في اسوأ الاحوال في نطاق ضيق – العائلة والقبيلة …الخ- ثم تنهض فجاة بعد توفر طليعة تنهض بالامة .الشورى تكون فعالة كلما كان اعتمادها على اختيار الافضل والاقدر والاكثر حكمة لادارة المجتمع او الدولة ،فالاختيار او الانتخاب يستند لارادة الجماهير وتوجهاتها والناس تختار من جربته وعرفت خصاله كالشيوخ الذين يتميزون بالحكمة ونزعاتهم الانسانية التي تزداد قوة مع تقدم العمر وتستبعد المستغل والمضلل لها والذي تزداد انانيته ووحشيته كلما تقدم في العمر كما تفعل الديمقراطية الليبرالية .

عندما نتحدث عن الديمقراطية الشعبية والشورى نرى امامنا النبي محمد – ص- وابو بكر وعمر وعلي وعثمان وعمر بن عبدالعزيز (ر) وغيرهم ،وقبلهم مجالس شورى الاشوريين ومقايل اليمنيين وفي هذه النمادج نرى غالبا حكاما تطغى عليهم اهداف الخدمة العامة وتحقيق العدالة الاجتماعية رغم ان نظامهم السياسي كان مركزيا شورويا ليس فيه انفلات ، بينما عندما نرى تشرتشل وبوش واوباما وترامب وغيرهم فاننا نرى فردية متطرفة وانانية طاغية وافراط في العدوان وابادة الملايين ونهب ثروات الاخرين ولا نرى لديمقراطيتهم اي اثر لانها مجرد نظام داخلي يتحكم بهم ويحقق اهدافهم الضيقة والانانية !

فقط قارنوا بين هؤلاء العرب ابناء الصحراء ومحيطها الاخضر كالعراق والشام ومصر ،التي توصف بانها مركز تخلف وبين تلك الاسماء الغربية التي عاشت وسط تقدم مدني كبير جدا اكسبها علما وتقاليد واساليب عمل وحياة ستجدون الغرب هو ساحة البدائية المطلقة والوحشية المتطرفة التي سحقت الانسان في اوربا وامريكا الشمالية وبعد ان طوعته حددت له مسالكا واضحة لممارسة حقوقه تكرس النهب واستلاب الانسان ! تلك الاسماء قامت بكل ذلك وهي ترتدي وجها باسما ودودا تراه ينطق بكلام مهذب ولطيف عن الانسان وحقوقه! ولكن : كيف يمكنني تصديق امريكي او اوربي غربي يتحدث عن الانسانية وحقوق الانسان وهو يبيد شعبي في العراق وفلسطين وسوريا واليمن وليبيا يوميا وباصرار وبلا رحمة ؟ وكيف اقتنع بانه يؤمن باحترام انسانية الانسان وهو الذي سرقني ومازال يسرقني حارما اياي من التمتع بثرواتي التي حولها الى مصدر موت وعذاب اشباعا لانانيته المتطرفة ؟

بل كيف انظر للغربي على انه انسان ديمقراطي وهو يقوم بكل تلك الجرائم بعد تخطيط دقيق ومتأن وينفذه على مراحل زمنية تصل حد المائة عام وهو ما يؤكد ترسخ روح الجريمة المنظمة فيه وان اعماله لم تكون نزوة طارئة ؟ كيف اصدق انسانية الغربي عندما يسن قوانين تحافظ على سلامة القطط والكلاب لكنه يتعمد ابادة الملايين من البشر وتهجيرهم بالارهاب الدموي من وطن اجدادهم وبيوتهم ويمزق عوائلهم فيجعل كل عائلة متوزعة بين قارات الارض ويدمر مدارسهم ويفرض عليهم العصابات وحثالات القوم ؟ لو كانت للغربي ذرة انسانية وصلة بباقي البشر المظلومين لتعلم الدرس الاول في الديمقراطية وهو مساواة الناس واحترام حقوقهم وتراجع وتاب واكتسب مشاعر التعاطف واحترام حياة ومصير الغير لكنه يتظاهر بالتعلم والندم عندما يهزم وما ان يستعيد قوته حتى يعود لقسوة اشد ووحشية اخطر !

اوربا الاستعمارية التي فقدت اغلب مستمعراتها بصعود امريكا والمعسكر الاشتراكي بعد الحرب العالمية الثانية تظاهرت بالانسانية والرحمة والتوبة وتقربت من العالم الثالث لكنها ما ان انهار الرادع السوفيتي حتى تنمرت مجددا وعادت الى ممارسات الاستعمار الاوربي الذي دشن عصور الوحشية المتطرفة ! فرنسا مثلا ترفض حتى الان الاعتذار عن جرائمها البالغة البشاعة ضد الشعب العربي الجزائري رغم مرور عقود على تحرر الجزائر ورغم توفر الاف البراهين والوثائق التي تبثت انها نفذت مجازر جماعية وابادت اكثر من مليون ونصف المليون جزائري ! وكذلك بريطانيا وبلجيكا واسبانيا ! وجريمة غزو ليبيا بوحشية لانراها الا في عصور ما قبل الانسانية واظهرتها فرنسا وحلف النيتو في ليبيا تؤكد بان الاوربي النمطي يتراجع عندما يضعف لكنه لا يتراجع حقا عن نزعته الانانية .

الانسانية والديمقراطية تبدأ كل منهما من الذات بالانقلاب الجذري على عدوانيتها وانانيتها وتمر بالاخرين فتحترمهم وتعاملهم كبشر وتتوج فضائلها بتحريم ازدواجية المعايير بتأكيد مبدأ : ما اتمناه لنفسي يجب ان اقبله لغيري بلا تردد ،وبدون تلك الانقلابية التي ارساها محمد فان الديمقراطية والنزعة الانسانية لن تكونا اكثر من غطاء للوحشية وتنظيم للجريمة . انظروا لممارسات العربي خصوصا والشرقي عموما ومهما كان متخلفا ثقافيا وعلميا هل تشبه ممارسات الاوربي والامريكي ؟ يقينا ان العربي فيه عيوب كثيرة بعضها لاتغتفر ولكنه من زاوية الاستعداد للقتل الغائي ،اي القتل المتعمد وبلا مبرر حقيقي وغير المحكوم بضرورات من المستحيل التخلي عنها كالدفاع عن النفس او ابعاد الموت جوعا، لايقتل بل يتراحم ويتعاطف ويساعد وينقذ ويغفر مرارا والسبب انه وريث تربية حضارات قديمة خلقت طبيعة ثانية تتوارث الكثير من فضائلها الشعوب حتى عندما تكون في وضع تخلف وفقر.

وما تعلمته البشرية منذ عرفت التجمع البشري الاول وحتى غزوات بوش وخميني وابوبكر البغدادي هو ان الخطوة الاولى في ضمان العدالة هي الاستقرار لفترات تكفي لترسيخ الدولة وامتلاكها قوة الحسم ، فما لم يستقر مجتمع وتستمر السلطة فيه لفترات كافية لتطبيق برامجها الستراتيجية فلن تقوم للعدالة قائمة ،لان التغييرات الفجائية تفضي الى الفوضى بكافة اشكالها فتزيل شروط قيام العدالة والاستقرار ولا تسمح بتوفر المناخ المطلوب لتراكم التجارب ،مادام الاضطراب يبقي الانسان اسيرا لقلق دائم يحفز لديه الغرائز القتالية بدل طغيان مشاعر الامن والاطمئنان والتعاون والبناء والتي تعد مطبخ الحكمة والتعقل وتلك هي منابع السلوك الانساني السليم والذي يصنع في بيئة الاستقرار كل الفضائل ويحول النوايا الى وقائع فتظهر الشورى وتعقبها الديمقراطية ويحل القانون وتتراجع النزوات الانانية وترتقي مستويات الفهم والادراك .

والسؤال الذي يتجاهله الغربيون عمدا هو:هل سمح لنا الغرب الاستعماري بالحصول على فرصة الاستقرار الضرورية لقيام نظام مسيطر يستطيع ممارسة الديمقراطية لاحقا ؟ كلا بالطبع فقط انظروا لتاريخنا الحديث منذ سايكس بيكو وحتى الان ستجدون ان الغرب لم يترك لحظة واحدة تمر دون استخدامها لمنع استقرار اقطارنا العربية على قاعدة الاستقلال الحقيقي والتنمية للانسان والعلوم والثروات . ومن بين ابرز اشكال اقلاق تجارب البناء الجاد للاستقرار تعمد الغرب التدخل باسم حقوق الانسان معترضا على مركزية السلطة التي تريد بناء دولة حديثة رغم ان المركزية حتمية للوصول الى الاستقرار وتوفير البيئة المناسبة لولادة الديمقراطية الحقيقية لكن الغرب يتدخل في هذه المرحلة تحت اغطية حقوق الانسان ليخلق المشاكل ويهدم التجارب الاستقلالية الحقيقية فيصبح الاضطراب ناشئا عن تدخلات خارجية وهكذا تجهض مشاريع البناء الديمقراطي !وعندما تريدون معرفة لم تفشل تجاربنا الديمقراطية ابحثوا عن الغرب اولا .

وما يحاربه الغرب فينا سبق ان طبقه هو في العصر الحديث اذ ان الديمقراطية الليبرالية لم تظهر فجأة كاملة مكملة بل كانت نتاج تطور تدريجي،ولعبت المركزية والعنف دورا اساسيا في التهيئة لولادتها ،فالمركزية التي تعقب الديكتاتورية والاستبداد تسبق الديمقراطية حتما في عالم الفوضى والبدائية والظلم ، فلم يحرّم الغرب علينا ما فعله هو طوال عقود من المركزية والاستبداد والقهر قبل الثورة الفرنسية وبعدها وظهور العسكر – انقلاب نابليون – وصولا للعقد الاجتماعي الذي ارسى قواعد الديمقراطية في اوربا ؟

لم تشهد اوربا الغربية الديمقراطية الليبرالية الحالية والتي تفخر بها الا بعد استبداد وظلم وتمييز وصراعات استمرت قرونا وكانت ثمرة تربية للاجيال الجديدة في المدارس اولا حيث اتبع نظام تعليمي انضباطي يعلم الطفل كيف يستمع للطفل الاخر ولا يقاطعه او يعتدي عليه وكيف يعبر الشارع وكيف يخاطب الغرباء ولم التقيد بالقانون ضرورة واهمية الابتسامة بوجه الاخرين ومساعدتهم …الخ .ولكن متى ابتدأت هذه التربية للاطفال والتي اصبحت مصدر المدنية الاوربية الحالية ؟ تربية الاطفال اقترنت بتوفير الاستقرار وهيمنة سلطة القانون واخضاع الجميع لها بلا اي استثناء وبمرور العقود تحولت اوربا من الفوضى الهلاكة الى الاستقرار المنتج والخلاق .

في ضوء ما تقدم هل يمكن القفز من فوق تجارب التاريخ هذه ؟ وهل من المناسب ان نهمل الاهمية القصوى للاعتراف باختلاف الظروف والبيئات والتي تنتج حتما اشكالا مختلفة من الممارسات السياسية وفي مقدمتها الدمقراطية ؟ اوربا كانت خالية من الماضي الحضاري قبل نهضتها الحديثة ولم تجد معينا او نبعا ترتوي منه وهي تبحث عن الحلول ، فلا شورى ولا اي نوع من الديمقراطية كانت فيها ،وفي اليونان بدأت مفاهيم الديمقراطية تظهر ولكن قبل ذلك كانت اوربا مجردة من السوابق التاريخية في الديمقراطية او الشورى وكان العنف والوحشية هما السائدان ،وتجربة الديمقراطية الاثينية لم تنتشر في اوربا وبقيت محاصرة فيها ، فاستمرت سيادة الوحشية والتخلف حتى القرون الوسطى حيث حصل الاوربي على اسس النهضة من العرب سواء عبر الحروب الصليبية او بقيام الحضارة العربية الاموية في الاندلس واشعاعها على اوربا او بتدفق مئات الاوربيين على بغداد في العصر العباسي للتعلم واخذ العلم من العرب .

البعث وقبل ان يكون اسم حزب سياسي هو ماشرحناه الان : احياء كل ايجابي في تاريخنا مثل الشورى ودمجه بما انتجه حاضرنا مثل الديمقراطية ولكن الشعبية ، لنقف على قدمين فولاذيتين ونتحدى الفوضى وعدم الاستقرار ونبدأ باعادة بناء الانسان اولا بعد ان تعرض للخراب ، متجنبين اللغم الاخطر لنسف استقرارنا وهو فتح صندوق باندورا المحشور في الديمقراطية الليبرالية .

Almukhtar44@gmail.com

3-9-2018

كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب