-{{{{{{داروسيا..............................................................إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ........................................................................... ولا بد لليل ان ينجلي وللجهل ان ينحسر؟؟؟!!!..................................................................................... بعناتا}}}}}}
بـــــــــــــــــــــــــــعــــــــــــلـــــــبـــــــك. ...غابت شمسها والعز تاه فيها .........................................................................................................................................................بعلبك يا دار الالهة بماضيها

خروج امريكا من التاريخ، الانفجار العظيم!!!؛


خروج امريكا من التاريخ، الانفجار العظيم!!!؛
شبكة البصرة
د. حذيفه المشهداني
قد يبدو العنوان اقرب الى الخيال ولكنني اكتب استنادا الى معطيات الواقع ومنهج البحث ولست من الحالمين واقول بكل ثقة وتأكيد ان دور ترمب اليوم لايتعدى الاشراف على مرحلة تقاعد الولايات المتحدة وانسحابها من دورها كشرطي للعالم وهو الذي بشر أصلا اثناء حملته الانتخابية بانسحاب امريكا من صدارة المشهد الدولي لتعود كقوة عظمى الى الداخل تحت عنوان اعادة بناء القاعدة التحتية والانسحاب من العديد من المواثيق والمحافل الدولية.

نحن نعرف يقينا ان الولايات المتحدة تمتلك اقوى ترسانة عسكرية وان مقدار الانفاق العسكري للولايات المتحدة يفوق ماتنفقه الدول الثمان التي تاتي بعدها في مرتبة القوة مجتمعة ولكن نعرف ايضا ان القرار السياسي الامريكي اصبح خارج نطاق العمل المؤسساتي المتعارف عليه في الديمقراطيات الغربية لجهة عدم الانسجام بين البنتاغون والخارجية والسي اي ايه ومجلس الامن القومي والبيت الابيض والانقسام الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب ناهيك عن الانقسام الحاد داخل الدولة العميقة ومؤسساتها، وتلك الأعراض تؤدي حتما الى شلل تام يصيب المؤسسات بالعجز عن اتخاذ قرارات منسجمة وموحدة.

نعم امريكا قوية ولكنها تفتقر الى القدرة على اتخاذ القرار السياسي وهنا نقطة الضعف التي قرأها بوتين وعمل على استثمارها كما فعلت الصين وحتى كوريا الشمالية، بل تعدى الأمر الى حد ان حلفاء امريكا انفسهم أدركوا نقطة الضعف هذه وصاروا يبحثون عن سلسلة تفاهمات او تحالفات جديدة توفر لهم مساحة من الحركة في ظل احتمال تهاوي قدرة الولايات المتحدة على اتخاذ القرار المناسب في التوقيت والمكان المناسبين.

امريكا اليوم فقدت القيم الاخلاقية التي كانت تبشر بها وتكشفت امام العالم وامام مواطنيها باعتبارها مجرد كائن قوي يمتلك العضلات ولكنه يفتقر الى القيم وصار معروفا ان المرض الذي تعاني منه الولايات المتحدة بلغ مراحل متقدمة بما لايمكن الشفاء منه وهذا المرض يتمثل باجتماع الثالوث البغيض (العنصرية، والمادية، والعسكرة)، ويكفي هنا الاشارة الى أن الدَين الأمريكي يزداد بحوالي 1.4 مليار دولار يوميا، وبحوالي مليون، حسب رأي الخبراء الأمريكيين أنفسهم.

وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى مقال كتبته في 4 نوفمبر، 2016، بعنوان (الطوفان قادم) قبل انتخاب ترمب رئيسا، كتبته تعقيبا على صورة للرئيس الامريكي باراك أوباما وهو يحمل بيده كتابا يحمل عنوان (العالم مابعد أمريكا) قلت فيه:

«العالم ما بعد أمريكا»هو عنوان الكتاب الذي يحمله باراك اوباما عند نزوله من الطائرة.. واوباما ليس مجرد رئيسا لامريكا فحسب بل انه باحث واكاديمي ينتمي الى تقاليد جامعة هارفارد التي يعرف الجميع رصانتها العلمية، ومما يثير الانتباه ان رئيس الموساد الاسبق أفرايم هاليفي قد كتب تعليقا على نسخة الكتاب التي تمت ترجمتها الى اللغة العبرية يقول فيه (ان على اسرائيل ان تكون جاهزة للبحث عن حلفاء جدد لمواجهة أخطار مابعد أمريكا)… وهذا يعيدنا الى قراءة المقال الذي كتبته في 2011-10-07 بعنوان” الأنفجار العظيم.. وخروج امريكا من التاريخ”… حيث ورد في أحدى فقراته (ان مأزق العالم الغربي اليوم يتمثل في صورتين أحلاهما اكثر ظلاما من الأخرى فقد أصبحت أمريكا تشكل عبئا أخلاقياً على منظومة الحضارة الغربية من جهة وعلى الجانب الآخر فان انهيارأمريكا لايمثل خطرا على نفسها كدولة ولكنه يمثل حالة ترعب الكون بكامله لان هذا الانهيار سيؤدي الى انهيار منظومة التوازنات العسكرية والاقتصادية التي كانت تحكم العالم بموجب قواعد اللعبة التي يصنعها الكبار، حيث ستفقد المنظومة الكونية توازنها وسيؤدي ذلك الى كارثة شبيهة بانفلات الكواكب من مدارها، والأخطر من كل ذلك سيجد العالم نفسه امام انعدام مرجعية أخلاقية تحكمه بعد انهيار ثقافة الراسمالية والتي سبقها انهيار منظومة الفكر الشيوعي مما سيترتب عليه ان يعود العالم الى التصنيفات الدينية والقبلية التي سبقت قيام الحضارة).

ومن هنا فان بروز ظاهرة ترامب ليست منعزلة عن جوهر الازمة التي يعيشها النظام العالمي، فسواء فاز ترامب أم لم يفز فانه ليس مهما بل الأهم ان خطاب ترامب عكس حالة من الحراك الشعبوي، هي اقرب الى حالة الانقسام الحاد في المجتمع الامريكي ربما تنذر بحالة صدام، مضافا الى ذلك ان خطاب ترامب وجد له اصداءا واسعة عبر المحيط في قارة اوربا التي يتصاعد فيها المد الشعبوي والخطاب القومي عبر تصاعد شعبية اليمين المتطرف وخطابه الهستيري في حالة تشابه المناخ الذي كان سائدا عشية الحرب العالمية الاولى..

ان النظام العالمي الذي يحكم العلاقات الدولية لم يعد قادرا على تلبية مصالح اللاعبين الكبار وان قواعد اللعبة التي اتفق عليها الكبار الذين انتصروا في الحربين العالميتين الاولى والثانية لم تعد قائمة..

ولم يتبق لنا سوى انتظار التسونامي الذي لايبقي ولايذر..

الطوفان قادم: (قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)…

ولمزيد من الايضاح يمكننا هنا الاشارة الى بعض من رؤى ومقالات المفكرين والساسة لنتلمس المقاربات النظرية التي يقدمونها لما يجري:

أولاً: «الحضارات العظيمة لا تنهزم إلا عندما تدمر نفسها من داخلها، هذا هو جوهر نظرية توينبي الذي يقوم على أن الأمم والحضارات تموت أساسا بسبب عوامل داخلية. وفي القلب من هذه العوامل الداخلية انهيار القيم والقوة الأخلاقية. ولقد لخص هو بنفسه القضية برمتها في عبارة بليغة حقا عندما قال: «الحضارات لا تموت قتلا، وإنما تموت انتحارا«.

ثانياً: الكاتب الأمريكي كريستوفر لاش في مقدمة كتابه (ثقافة النرجسية) الصادر سنة 1979م, كتب يقول: بعد أكثر من ربع قرن بقليل من إعلان هنري لوس القرن الأمريكي, هبطت الثقة الأمريكية بشدة, فالذين كانوا يحلمون بالسلطة العالمية, يائسون الآن من حكم مدينة نيويورك, حيث فقد الناس الثقة في قيادتهم كما تحكم أزمة الثقة هذه قبضتها على الدول الرأسمالية الأخرى.

ثالثاً: الباحث الأمريكي بول كيندي في كتابه (قيام وسقوط القوى العظمى) الصادر سنة 1987م, أشار الى أن أمريكا ستواجه المصير نفسه الذي واجهه البريطانيون من قبل في نهاية القرن التاسع عشر, وهو التراجع والانحدار كقوة عالمية, نتيجة التوسع الإمبريالي المفرط.

رابعاً: بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر اعتبر الباحث الأمريكي في جامعة ييل إيمانويل فاليرشتاين مؤلف كتاب (نهاية العالم كما نعرفه), أن السلام الأمريكي انتهى, وأن التحديات من فيتنام والبلقان إلى الشرق الأوسط و11 سبتمبر كشفت حدود التفوق الأمريكي, وبات السؤال الآن في نظره هو: هل تخبو الولايات المتحدة بهدوء أم أن المحافظين الأمريكيين سيقامون ذلك وسيحولون الانحدار التدريجي إلى سقوط خطر وسريع!

خامساً: المؤرخ الاقتصادي البريطاني نيال فيرغسون في كتابه «الصنم: قيام وسقوط الإمبراطورية الأميركية» بدا متشائما إزاء مستقبل القوة الأميركية مقارنة بكتبه المبكرة، نظرًا لعدم عقلانية السلوك الاقتصادي الأميركي في العقود الماضية وسيره نحو الفوضى، خاصة في أعقاب الأزمة المالية الأميركية العالمية أواخر عام 2008.

سادساً: الاقتصادي الأميركي جوزيف ستغلتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والأستاذ بجامعة كولومبيا، قدم رؤيته في كتاب «السقوط إلى الهاوية» وهو عنوان واضح الدلالة على مستقبل الرأسمالية وقلعتها.

سابعا: كتب فولبرايت -رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ- مطالبا أن تتخلى الولايات المتحدة عن «فكرة التبشير الحافلة بمزاعم كونها شرطيَّ العالم».

وأختم أخيرا فأقول ان امريكا تحتضر وان العالم يستقبل مرحلة جديدة وان النظام العالمي الذي صنعه الكبار لم يعد يلبي مصالحهم ومصالح القوى الصاعدة، ومع كل الأسف بينما يتجه العالم الى استقبال عصر جديد فان الحكام في ربوع دول الخليج يقيمون مسابقة لأجمل عنزة.

شبكة البصرة
الخميس 14 جماد الثاني 1439 / 1 آذار 2018
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط
كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب كل ما ُينشر يمثل وجهة نظر الكاتب